04:51 م
الجمعة 12 يناير 2024
الإسكندرية – محمد البدري:
افتتح الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، جلسة نقاشية بعنوان “أولويات العمل الثقافي في المستقبل”، في مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع للمكتبة، بحضور نخبة من المثقفين والأدباء والإعلاميين وأساتذة الجامعات.
وقال “زايد” إن الجلسة تأتي في إطار المناقشات التي تجري حول مستقبل مصر في المرحلة المقبلة عقب الانتخابات الرئاسية، خاصة في المجال الثقافي.
وتحدث مديرمكتبةالإسكندرية، عن المركز الذي يقوم بتوثيق كل التراث الثقافي والطبيعي والمادي لجميع أنحاء مصر، والذي شهد افتتاح قاعة فرسان السماء؛ وهي عبارة عن متحف يضم إسهامات العرب في الفلك وقياس الوقت والنجوم من القرن التاسع حتى القرن الخامس عشر.
وقدم الدكتور أيمن سليمان؛ مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي بالقرية الذكية، عرضًا حول عمل المركز منذ نشأته قبل نحو عشرين عامًا لتوثيق تراث مصر الحضاري والطبيعي، موضحًا دور المركز في زيادة الوعي بالتراث المصري، والتعاون مع الوزارات والجهات المختلفة، والحصول على براءة اختراع عن الكالشراما “بانوراما التراث الحضاري”.
وأشار “سليمان” إلى تعاون المركز مع العاصمة الإدارية في المتحف الذي يتم إنشاؤه حاليًا، وتوثيق ٥٠ قطعة في المتحف الحربي بتقنية ثلاثي الأبعاد، ومقتنيات توت عنخ أمون، وتوثيق بانورامي للأزهر الشريف، بالإضافة إلى إنتاج ٨ أفلام وثائقية في متحف الحضارة.
ولفت “سليمان” إلى اهتمام المركز بتوثيق التراث الموسيقي والسينمائي والمسرحي، وتعمل وفق برامج ثقافية للتواصل المجتمعي من خلال عدد من الفعاليات التي تتم بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ووزارة الاتصالات.
وعقدت الجلسة الأولى من الجلسة النقاشية تحت عنوان “أولويات العمل الثقافي في المستقبل”، وأدارها الدكتور صابر عرب؛ وزير الثقافة الأسبق، بحضور الدكتور عبد المنعم سعيد؛ عضو مجلس الشيوخ، وسلوى بكر؛ الروائية والناقدة، وأحمد الجمال؛ الكاتب الصحفي، والدكتور حامد عيد؛ أستاذ الكيمياء بجامعة القاهرة، ويوسف القعيد؛ الأديب والروائي، والدكتور حسين حمودة؛ أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة القاهرة.
أكد الدكتور صابر عرب، إن مكتبة الإسكندرية تلعب دورًا هامًا في حياتنا سواء في تلك المدينة الساحلية أو في مختلف أنحاء مصر من خلال الفعاليات الثقافية الهامة التي تنظمها.
وشدد على أن العمل الثقافي يرتبط بكل مجالات الحياة فلا توجد تنمية إلا بحضور الثقافة، والتجربة الإنسانية في كل الدول التي نهضت وخاصة في القرن التاسع عشر؛ كانت الثقافة والأدب والفن هما حجر الأساس بها، لأن الإنسان هو من يصنع الثقافة.
وأشار “عرب” إلى أن الثقافة هي نمط حياة، وإذا أرادت مصر الإصلاح وتحقيق الثقافة الجادة لابد من إصلاح التعليم، خاصة أن رأس مال مصر الحقيقي هو البشر، ولابد من الاهتمام بهم ومن ثم توظيفهم لخدمة المجتمع.
وأكد الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، أن مكتبة الإسكندرية أحد أدوات صناعة الثقافة، متحدثًا عن دور الثقافة في الحداثة، والتي تتضمن عددا من الأبعاد؛ البعد الأول هو الهوية والتي لابد أن يكون هناك وحدة تجمع المجتمع كله، والبعد الثاني هو البيئة المصرية، وهنا لابد من إدراك أن مصر متنوعة الثقافات.
وأضاف “سعيد” إن البعد الثالث هو تعبئة الموارد القومية، أما البعد الأخير فهو المشاركة ولاسيما بين الشباب، وهنا تظهر أهمية صناعة الثقافة لجمع الصورة بشكل كامل، مشددًا على ضرورة الاهتمام بالتنشئة.
وقالت سلوى بكر، إنه لا يوجد تصور واضح للدولة حول التنمية الثقافية حتى يترجم إلى سلوك عملي وفعلي، كما أن التساؤل عن الجدوى الثقافية غائب بشكل دائم، مشددة على أن التفكير في مستقبل العمل الثقافي يستلزم تقييم ما تم في السابق.
وأشارت “بكر” إلى ضرورة ربط الثقافة بالتعليم، لأنه إذا كان التعليم في حالة تراجع فلن نصل إلى تقدم في المجال الثقافي.
وطرح أحمد الجمال، عددا من التساؤلات حول الوضع الثقافي في مصر، لافتا الي ان الجهود تنصب على التشخيص، ورصد أسباب المشكلات مع العجز عن إيجاد حلول لهذه المشكلات، وغياب المتخصصين عن رصد مسار مشاريع الإصلاح الثقافي في مصر والسبب في انهيارها كليًا أو نجاحها جزئيًا، وكيفية عودة الجهد الفردي في صناعة الثقافة.
وأكد “الجمال” إن مصر ليست مساحة معزولة وإنما تعيش في محيط تؤثر فيه وتأثر به، والقوة الناعمة لمصر كانت متفردة لسنوات طويلة، ولابد من بحث أسباب هذا التراجع.
ومن جانبه؛ أوضح الدكتور حامد عيد، إن الثقافة كيان حي تتطور مع الإنسان وتربط الأجيال بعضها ببعض، والأنشطة الثقافية هي حافز للابتكار، كما أن الالتزام بالعمل الثقافي هو استثمار في الإنسان، مشددًا على أن الثقافة عبارة عن أدوات دبلوماسية، ويجب النظر إليه على أنه قوة وليس مجرد رفاهية.
وتحدث يوسف القعيد، عن خطر الأمية على مصر، مشيدًا بتجربة مكتبة الإسكندرية في العمل على محو أمية، إلا أنها غير كافية لأن من يتردد على القرى والأحياء الشعبية يدرك حجم الأزمة، داعيًا إلى الاستفادة من تجربة دولة كوبا في محو أمية شعبها.
واختتم الدكتور حسين حمودة، بطرح عدد من التوصيات، من بينها؛ العمل على حل مشكلة توزيع الكتب المكدسة على القرى والمناطق النائية، وإنشاء لجنة من المختصين في الأدب والسينما للمساهمة في هذا المجال، واستكمال المشروعات التي طرحت على مدار القرن الماضي من بينها مشروع طه حسين، واستكمال الأرشيف المصري في كافة المجالات، وإنشاء مركز دراسات مستقبلية يجمع بين التخصصات المختلفة لصياغة خارطة مستقبل تحدد أبعاد الواقع الثقافي المصري.