12:31 ص
الثلاثاء 17 سبتمبر 2024
المنيا – جمال محمد:
48 ساعة مضت على وفاة “إسماعيل حلمي” مدير التعليم الإعدادي والثانوي بإدارة ديرمواس التعليمية التابعة لمحافظة المنيا، ولم تهدأ حتى الآن نار الحزن في صدور مئات المعلمين بتلك الإدارة التعليمية، بعد أن أكدوا أن موته كان بسبب القهر من سوء معاملة مدير إدارة ديرمواس التعليمية له وسبّه وإهانته في أحد الاجتماعات، ثم إلغاء انتدابه وعودته مدرس فصل مرة أخرى.
قدّم 38 معلمًا ومدير مدرسة بمركز ديرمواس شكوى جماعية إلى وزير التعليم والتعليم الفني، يستغيثون فيها من سوء معاملة مدير الإدارة التعليمية بالمركز تجاههم، والتطاول الدائم عليهم، ومحاولة إذلالهم، على حد وصفهم، فضلًا عن تعديه السافر بالسب والتهكم على أحد أقدم زملائهم خلال أحد الاجتماعات مؤخرًا، وإصدار قرار بنقله وإلغاء ندبه تعسفيًا مما تسبب في إصابته بذبحة صدرية ووفاته.
الأزمة يرويها لمصراوي حمدي عبدالرحمن، مدير التعليم الإعدادي وأحد شهود العيان على واقعة إهانة المدرس المتوفى، والذي قال إن المعلم إسماعيل حلمي كانوا يلقبونه بـ “حمامة السلام” في مديرية ديرمواس، خاصة أنه كان دائم التبسم والمحبة للجميع، ولم يخطئ في حق أحد طوال حياته.
وأضاف عبدالرحمن: في أحد اجتماعات المديرية يوم 21 من الشهر الماضي، كان يحضره المعلم المتوفى وجميع مديري المدارس ومدير إدارة ديرمواس، قام مدير الإدارة بتوبيخ عدد من الحضور، وعندما حاول إسماعيل حلمي تهدئته كونه أحد أكبر الحضور سنًا، قام مدير إدارة ديرمواس بتوجيه السباب له قائلًا: “إنت طيشة – إنت أراجوز” في مشهد مهين أمام الجميع خلال الاجتماع. ورغم أن المدرس محبوب لدى الجميع منذ أكثر من 35 عامًا، إلا أنه غادر المكتب دون أن يرد إطلاقًا.
فيما يستكمل خالد محمد، مدير التعليم الثانوي وأحد شهود العيان كذلك على أزمة المدرس ومدير إدارة ديرمواس، أن زميلهم المتوفي مات من القهر والحزن. فعاش أكثر من 20 يومًا حزينًا على سبه والتهكم عليه من قبل مدير الإدارة التعليمية. ولكن منذ 4 أيام، عقب صدور قرار مفاجئ بإلغاء ندبه، سقط مغشيًا عليه وأصيب بذبحة صدرية، وتم نقله إلى المستشفى، وظل يردد قول الرسول: “أعوذ بالله من قهر الرجال” عدة مرات ثم نطق الشهادتين ومات.
وأشار إلى أن المتوفى لم يكن مدرسًا فقط، ولكنه كان شاعرًا وأديبًا، وكان موسوعة علمية. الجميع كان يعشق الجلوس للتحدث معه، فضلًا عن انضباطه الأخلاقي الذي ظهر في الاجتماع. فرغم إهانته والتعدي عليه بالشتم والسخرية، إلا أنه لم يرد واكتفى بمغادرة الاجتماع حتى لا تتفاقم الأمور ويحدث هياج بين المعلمين زملائه. لكن صدور قرار إلغاء ندبه وعودته كمدرس كان كفيلًا بإصابته التي أودت بحياته.
من جانبه، قال حسام عبدالعزيز مدير إدارة تعليم ديرمواس في تصريح مقتضب لمصراوي، إنه ليس لديه تعقيب عما يردده المعلمون، وسيتم فتح تحقيق بمعرفة مديرية التربية والتعليم بالمنيا وهي كفيلة بإظهار الحقيقة.
في سياق آخر، قال حسين عباس نقيب معلمي مركز ديرمواس بالمنيا، إنه تم إبلاغه رسميًا من قبل مسؤولي مديرية التربية والتعليم بالمنيا ومسؤولي ديوان المحافظة بصدور قرار بإنهاء تكليف مدير إدارة ديرمواس التعليمية، ونقله إلى ديوان عام المديرية بمدينة المنيا وفتح تحقيق معه، على خلفية تعديه بالسب والتهكم والسخرية على أحد المعلمين، وإلغاء ندب المعلم مما تسبب في وفاته حزنًا وقهرًا.
وأضاف عباس في تصريح خاص لمصراوي أن جميع المعلمين بمركزي ديرمواس وملوي على قلب رجل واحد تجاه الأزمة، مشيرًا إلى أن ما قام به مدير إدارة ديرمواس كان لا يليق بأي معلم صاحب رسالة. مقدمًا الشكر لجميع مسؤولي مديرية تعليم المنيا والمحافظة على سرعة التدخل وفتح تحقيق مع مدير الإدارة الذي تسبب في حالة من الحزن بين جميع المعلمين لتعامله بمنتهى السوء معهم خلال الاجتماعات، وصولًا إلى تعديه على مدير التعليم الإعدادي والثانوي “إسماعيل حلمي” وإلغاء ندبه مما تسبب في حزنه ووفاته بعد إصابته بذبحة صدرية.
وكانت نقابة المعلمين بديرمواس وملوي قد عقدت اجتماعًا طارئًا السبت الماضي، ناقشوا خلاله تعديات “حسام عبدالعزيز” مدير إدارة ديرمواس التعليمية على المعلمين خلال اجتماعاته وتهديدهم وترهيبهم بإلغاء ندبهم والتطاول على البعض منهم، وقيامه بالسخرية من المعلم “إسماعيل حلمي” خلال اجتماع للمديرين، ثم قام بإلغاء ندبه وعودته كمدرس بدلًا من مدير إدارة. الأمر الذي أصاب المعلم بالحزن لشعوره بالإهانة، ونُقل على إثرها إلى المستشفى وتوفي على الفور إثر إصابته بذبحة صدرية.
كما حصل مصراوي على نسخة من الشكوى التي تقدم بها المعلمون إلى عدة جهات بالمحافظة، وجاء نصها كالتالي:
نتشرف بأن نعرض على سيادتكم شكوانا من السيد مدير الإدارة التعليمية “حسام عبدالعزيز عمر”، حيث يقوم بإهانة وإذلال القائمين على العملية التعليمية، مهددًا ومتوعدًا في كل حالاته بطردهم من أماكنهم ووظائفهم ورجوعهم معلمين بالمدارس من مديرين وموجهين ورؤساء المراحل وتعمد إذلالهم. وآخرهم السيد مدير التعليم الإعدادي والثانوي المرحوم/ إسماعيل حلمي إسماعيل حيث قام مدير الإدارة التعليمية بطرده أمام أعين جميع الحاضرين من مديري المدارس الإعدادية والثانوية التابعين للمرحوم، متهكمًا عليه قائلًا: “إنت طيشة وأراجوز” ويشهد على ذلك جميع الحضور. وقام المرحوم بالخروج من الاجتماع جريح النفس، مهان الكرامة، مكسور الخاطر، أمام أعين من هم مرؤوسون له مما أدى إلى تدهور حالته الصحية.
واستكملت المذكرة: قام أيضًا مدير الإدارة التعليمية بتهديده بكتابة إقرار بأنه لم يفعل ما يريده، وإن لم يحضر اجتماعاته سيقوم بتحويله إلى معلم ورجوعه إلى مدرسته الأصلية، متعمدًا إذلاله والتصغير منه في كل المواقف أمام مرأى ومسمع من الجميع، ولم يرد المرحوم بأي إساءة على تعنت وكبر وتسلط مدير الإدارة الذي يتعامل كأن الجميع في قريته الخاصة وليست وزارة التربية والتعليم.
وجاء في المذكرة كذلك: لم يكتفِ مدير الإدارة بذلك فقط، بل قام بإصدار نشرة إلغاء ندب المرحوم “إسماعيل حلمي” من وظيفته وعودته معلمًا مرة أخرى إلى مدرسة بني سالم. وبمجرد عرض النشرة على المرحوم تعرض لأزمة قلبية توفي على أثرها بمستشفى ديرمواس العام. حيث إن القهر والظلم وسوء استخدام السلطة هو ما أدى بحياته.
وقد شهدت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في الساعات الأخيرة بمحافظة المنيا حالة من الغضب بين عشرات المعلمين من أبناء مركز ومدينة ديرمواس جنوبي المنيا، والذين طالبوا بمعاقبة وإقالة مدير الإدارة التعليمية بديرمواس، لتطاوله الدائم عليهم وإصداره قرارات عشوائية ضدهم، وكان آخرها سخريته من أحدهم وهو مدير التعليم الإعدادي والثانوي “إسماعيل حلمي” في أحد الاجتماعات حتى تسبب في وفاته مقهورًا بعدها.