12:07 م
الجمعة 09 أغسطس 2024
السويس- حسام الدين أحمد:
قبل نحو 5 سنوات كانت تجارة “محمد. ج” في المشغولات الذهبية مستقرة، يشتري ويبيع ولديه زبائنه في المحل الذي يملكه والده بحي السويس، إلا أن الطمع قاده إلى السجن مرة بسبب حلم الثراء السريع، ومرة أخرى إلى متهم بقتل عمته للاستيلاء على مالها ومشغولاتها الذهبية.
قبل أكثر من 3 أعوام، ومع تأثر الأوضاع الاقتصادية في مصر بالحرب الروسية الأوكرانية، رأى محمد أن أسعار الذهب سوف ترتفع بشكل كبير لا سيما مع ارتفاع قيمة العملات الأجنبية، لكن ما لديه من سيولة المالية لا تكفي لشراء كميات أخرى من المعدن النفيس سواء كان سبائك أو مشغول.
المكاسب السريعة
أعمى الطمع في المكاسب السريعة بصيرته، اقترض من أصدقائه ومعارفه، وأخذ من آخرين مبالغ مالية على سبيل تشغيلها في تجارة الذهب والعملة، بعد إقناعهم بالمكسب المضمون ليكون الربح على نسبة من رأس المال، استدان مبالغ كبيرة ووقع إيصالات أمانة وشيكات تضمن لأصحاب المال حقوقهم.
خسائر في التجارة والبيت
جاءت الرياح فأطاحت بالسفن التي انتظر محمد أن ترسو على باب تجارته، خسر المال مع اضطراب سوق الذهب في تلك الفترة، وعجز عن سداد ما اقترضه، فضلا عما أخذه بغرض تشغيله في تلك التجارة، علاقته بأسرته أصابها ما حدث لتجارته، فانفصلت عنه زوجته، بعد إساءة معاملتها وطمعه فيما تملك.
طلبت الزوجة الطلاق وافترقا، بينما كان هو بالكاد يجمع بعض المال، ليسدد ديونه ليفي بحقوق أصحاب المال، وحين تأخر حركوا دعاوى قضائية بما وقعه من أوراق وايصالات.
قضايا
فشلت محاولاته محمد إقناع الديّانة وأصحاب المال بالانتظار، فرغ جرابه من الحجج وبطلت الوعود، وصلت القضايا إلى قاعة المحكمة، لتقضي محكمة الجنح بحسبه في إحدى القضايا، مع تحرك آخرين قضائيا للحصول على حقوقهم بالقانون.
سداد الدٌين
سعى والده لجمع مبالغ كبيرة ليسد ما اقترضه الابن، باع أصول وباع من بضاعته في الذهب ايضا دون مكسب أملا في جمع ما يكفي ليستوفي حقوق الدائنين، يوما بعد آخر يوفي بعض حقوق أصحاب المال ليتنازلوا عن القضايا، حتى سدد لقائمة طويلة بين من دفع لتشغيل ماله في التجارة، وآخر أقرض ليساعد صديقه وجاره.
من بريق الذهب للمنظفات
قضى محمد مدة في محبسه، خرج في نسخة من إنسان ليست أفضل من الأولى، عاد للتجارة مرة أخرى، ولكن لم يعمل في الذهب، بعد الخسائر التي طالت والده بسببه، ومن المحل الذي كان يشع بالمصابيح وبريق الذهب الأصفر اللامع، ومقاعد الاستقبال الوثيرة، إلى محل صغير بمنطقة الغريب يبيع زجاجات الكلور ومنظف الأطباق ومسحوق غسالات الملابس، وبعض أدوات التنظيف.
لكن أحوال محمد لم تكن ترضيه، لم ينسى تجارته السابقة، كيف كان يعامله الزبائن وجيرانه في المحال التجارية، من تاجر يبيع بعشرات الآلاف كل يوم، إلى مئات وربما عشرات الجنيهات يربحها من بيع المنظفات.
بيت العائلة
في تلك الفترة انتقل محمد للإقامة في شقة في الدور الأرضي يملكها والده في بيت العائلة بشارع أحمد شوقي بحي السويس، هناك حيث تقيم عمته في الدور العلوي، اعتاد التردد عليها، هي العمة والخالة والجدة، شقتها لحالها بمثابة بيت العائلة مفتوحة للجميع يزورها الكبار والصغار، تودهم وتحبهم ولا تبخل عليهم، وكثيرا ما ساعدت محمد ماديا وقدمت له يد العون.
ذهب العمة
لكن ضيق الحال وضعف النفس جعله يستجيب لوعد الشيطان، وما يعد الشيطان إلا غرورا، فكر كيف يحل ضائقته، لم يذهب تفكيره للتجارة، بل في سرقة ذهب عمته “جميلة. م” ومالها، هي سيدة قاربت من الثمانين عام، تقيم في بيت العائلة ويسهل دخول شقتها مساءا.
واقعة السرقة
مساء الثلاثاء الماضي، دخل “محمد. ج” شقه عمته في الدور الثاني، أدعى أن الحر نال منه حتى أصابه العطش، طلب من عمته أن تحضر له مشروب، واي طعام خفيف ليكن طبق فاكهة، كان الغرض منه ان تنشغل في المطبخ بينما يتسلل هو إلى غرقتها ويسرق ما لديها من مشغولات ذهبية.
خنق وخدوش
شعرت السيدة المسنة بحركة في غرقتها، نادت على محمد لم يستجيب دخلت وفوجئت به يفتش في الدولاب يبحث عما تخفيه، سالته ارتبك وتقدم نحوها همت بالاستغاثة والصراخ، لولا أنه باغتها واحكم قبضته على عنقها وخنقها، حاولت الدفاع عن نفسها دون جدوى، بالكاد تركت في ذراعيه خدوش أحدثتها بأظافرها، ظل ممسكا بها حتى شعر أن قواها خارت وأزهقت روحها، تركها لتسقط منه ويرتطم رأسها بأثاث الغرفة وتنزف ليخضب الدم رأسها وجبينها.
محاولة تضليل
استولي محمد على الذهب، وهم بالخروج من الشقة، إلا أنه لجأ لحيله وهي تسديد عدة ضربات للباب من الخارج بعد غلقه، لتبدو أن الجريمة واقعة سرقة وأن مرتكب الجريمة غريب عن البيت ودخل الشقة بالقوة، لم يفتح له أحد، كانت محاولة فاشلة لتضليل رجال الشرطة.
بيع الذهب
ذهب المتهم بالمسروقات إلى محل للمشغولات الذهبية، باع له مصاغ عمته، قال أن أحدى اقاربه تريد بيع ذلك الذهب وسلمته إياه، استلم المتهم قيمة المصوغات وعاد بعدها للمنزل كأنه لم يقتل اقرب الناس إليه في الدار قبل ساعات.
بعد واقعة القتل بساعات، وصلت ابنة المجني عليها للشقة لتجد علامات كسر على الباب، دخلت تسبق دقات قلبها قدميها، لترى أمها السيدة جميلة تفترش غرفة النوم والدماء على رأسها ووجها.
رفض الاستجابة
في البداية ظنت الأبنة ان أمها اختل توازنها وارتطم رأسها بالأثاث وهو ما أحدث اصابتها، لكن رفض استجابة الجسم لكل محاولات الافاقة أكد لها ان والدتها فارقت الحياة، ابلغت الابنة شرطة النجدة، ليحضر رجال الشرطة بقسم السويس، بضع ثواني وتأكدوا من وجود شبهة جنائية وراء وفاة السيدة جميلة.
وأفادت المعاينة وسؤال الابنة المبلغة أن والدتها تقيم بمفردها في الشقة وانها توجهت لزيارتها وفوجئت بها بعد فتح باب الشقة ملقاة على الأرض وغارقة في دمائها، وأظهر الفحص أن المجني عليها تعرضت للخنق ثم اصطدم رأسها بجسم صلب تسبب في النزيف.
ووجه اللواء حسام الدُح مساعد وزير الداخلية مدير أمن السويس بتشكيل فريق بحث قاده مدير إدارة البحث الجنائي بمشاركة ضباط مباحث قسم السويس والمقدم محمد طه رئيس مباحث القسم.
الوصول للجاني
وتوصلت التحريات وتفريغ كاميرات المراقبة بالمحال التجارية المجاورة، إلى أن وراء ارتكاب الجريمة هو ابن شقيق المجني عليها، كما أكد البحث عن مصوغات المجني عليها بالمواصفات التي أدلت بها الابنة، أن المتهم استولي على الذهب وباعه لأحد تجار الذهب القدامة أصدقاءه.
وبعد ضبط المتهم وبمناقشة المتهم اعترف تفصيليا بالجريمة، واقر انه باع الذهب لمحل في السويس، وأنه تعرض لضائقة مالية كانت السبب وراء الجريمة، وادعى انه لم يكن ينوي قتلها لكن دخولها بشكل مفاجئ وخشيه افتضاح أمرة جعله يزهق روحها.
حررت الشرطة محضر بالواقعة، وتولت جهات التحقيق نظر القضية، وقررت حبس المتهم وانتداب الطب الشرعي لبيان سبب وفاة المجني عليها، وما بها من إصابات، وعرض المتهم على الطب الشرعي ومطابقة الجروح والخدوش في يديه الأنسجة الموجودة تحت أظافر المجني عليها.
اقرأ أيضا
“عض الإيد اللي اتمدت له”.. نهاية مأساوية للست “جميلة” على يد ابن شقيقها
“قتل عمته لسرقة دهبها”.. كشف غموض العثور على جثة مسنة داخل منزلها في السويس