02:03 ص
الأحد 10 سبتمبر 2023
كتب- محمود الطوخي:
لم تقتصر الآلام التي ولّدتها زلازل شهدتها المنطقة خلال العام الجاري على أطفال الأخير في المغرب وحده، لكنها جاءت لتجدد جراحا بالكاد التأمت بعد الزلزال الذي ضرب كلا من سوريا وتركيا فبراير الماضي وراح ضحيته نحو 50 ألف قتيل وعشرات آلاف المصابين، وشمل أحداثاً خاض فيها أطفال صراعا من أجل البقاء، وتفاصيل أدمت قلوب الملايين حول العالم.
رسالة سعيد.. الفصل الأحدث في مأساة الزلزال
جاء الزلزال الذي ضرب المغرب مساء الجمعة بقوة 7 درجات على مقياس ريختر، فتهاوت الأبنية، وكان من بينها منزل الطفل سعيد الذي ظهر في أحد الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، يطل برأسه من بين الأنقاض بعدما حاصرت جسده، يتغاضى عن آلامه في سبيل الاطمئنان على أسرته التي يستمد منها الأمان ومصيرها المجهول، يتناوب فكره بينهم من جهة وبين ظلام الليل والألم الذي يستشعره كلما أراد أن يتنفس، فكومة الركام فوق ظهره تصعب عليه الحراك أو الشهيق، وإن وجد الخلاص من أسره المادي بين الركام، سيكون عليه انتظار خلاص عقله من وساوس نفسه لحين التحقق من سلامة أسرته المفقودة التي يخشي أن يكونوا ضمن 1037 قتيلاً و 1204مصابين بينهم 721 حالة حرجة خلفهم الزلزال.
عااااجل 🚨🚨🚨🚨 شاهد
لاحول ولاقوة الا بالله “عائلة تحت الانقاض”#زلزال_المغرب #Morocco #مراكش #المغرب #زلزال pic.twitter.com/KMK7OGnHwq
— عساف (@Sa91af) September 9, 2023
أطفال كثر عايشوا المعاناة مع سلسلة الزلازل التي ضربت كلا من سوريا وتركيا خلال شهر فبراير الماضي، وأسفرت عن مقتل نحو 50 ألف شخص، وتشردت على إثرها حوالي 50 ألف أسرة بحسب الأمم المتحدة، تضامن مع مآسيهم كل من يتمتع بقدر من الإنسانية.
“عفراء”.. حياة من رحم الموت
اطبقت المنازل على ساكنيها في الشمال السوري وشكلت تلالا من الركام، وآمال العثور على ناجين تتلاشى ساعة بعد أخرى، والمحاولات اليائسة للإنقاذ تجري على استحياء بعد مرور أيام على حدوث الزلزال، لكن شعاع ضوء اخترق ظُلمة المأساة، حياة من رحم الموت كتبت لرضيعة وضعتها أمها تحت الأنقاض، موصولة بالموت في ذات اللحظة يربط بينهما “حبل سُري”، “عفراء” معجزة بعثت الآمال المحتضرة لدى الملايين حول العالم.
أبصرت “عفراء” النور لأول مرة يتيمة، بعدما فقدت والديها وإخوتها الأربعة، وكان أول عهدها بالأضرار كدمات انتشرت في مناطق متفرقة من جسدها الرقيق ومعاناة من صعوبة في التنفس، حالتها التي خلقت مزيجا من الشجن والفرح أسرت قلوب الملايين من حول العالم من خلال فيديو لعملية إنقاذها الذي انتشر حينها، وتنطلق محاولات عديدة لتبنّيها من قِبل بعض الأثرياء قبل أن تثبت صلة القرابة بينها وعمتها.
“طلعني وبصير خدامة عندك”.. آلاء أمومة في مهد الطفولة
وفي سوريا لم تتوقف الأحداث عند العفراء وحدها فالمأساة التي اهتزت بها سوريا وتداعى لها العالم كانت لا تزال تحمل في جعبتها مزيدا من الأحزان.
الطفلة آلاء ربما لم يتخط عمرها 7 سنوات لكن شيئا داخلها كان أكبر من أن تهتم لشأنها، والحائط الذي أطبق لأكثر من 17 ساعة علي جانبها الأيسر لم يكن أكثر أهمية من حماية شقيقتها آية بذراعها اليمنى، بعد أن ضمتها إلى صدرها لتطمئنها رغم فقدانها للطمئنينة وتواسيها بغير قدرة، وما أن وصلت إليها يد المساعدة والإنقاذ حتى فاضت استجداءاتها من البرد والجوع والعطش، لا يلهيها عن ألمها حديث ولا تُزيغ عينيها الألعاب التي حاول المسعفون تشتيت عقلها بها لحين إخراجها.
هذا الفديو كسر قلبي 💔
تقول الطفله للمنقذ عندما وصل لها: “عمو طالعني بصير عندك خدامة”
بسبب التعب الذي عاشته، بقيت هي وأختها لمدة 17 ساعة تحت الأنقاض ولا تستطيع الحراك. #زلزال_سوريا pic.twitter.com/n10RmXvyG9
— عمر مدنيه (@Omar_Madaniah) February 7, 2023
تركيا.. حياة بعد أسبوع بين الجوع والأنقاض
ومن سوريا إلى تركيا حيث الأنقاض كانت لا تزال تنضح بفصول جديدة من المأساة كان أبطالها الأطفال.
أكوام الركام انتشرت في الأنحاء وكأن القرى والمدن بمدينة هاتاى التركية لم تكن يوما، وبعد أيام طوال لا إشارات تفضي لأمل ولو ضئيل بوجود حياة في المكان، فأنّى لإنسان أن يصمد طوال هذه المدة دون طعام أو ماء، لكن أنّى لليأس أن يغالب القدر، فكتابه الذي خُطت فيه الأعمار بلا خطأ لا يعجزه علم أو أسباب.
طفل يبلغ من العمر 13 عاما خرج معافي بعدما قضى 182 ساعة فقط كان يعاني بعض الإنهاك والاختناقات نتيجة الغبار الناجم عن تهدم المنزل الذي كان يسكنه وأسرته ضمن 6444 مبنى دُمرت بشكل كامل جراء الزلزال، مخالفا إعلان السلطات هناك عن استحالة العثور على أحياء أسفل الأنقاض
الأحداث رغم بشاعة بداياتها مع أبطالها من الأطفال إلا إن نهاياتها كانت شعلة باعثة للأمل من جديد وتبعث رسالة بأن الأمور كلما استحكمت فإن الفرج لا يزال موجودا يلوّح في الأفق، فالعفراء قد تعافت وتعيش حاليا في كنف عمتها بقرية جنديرس بالقرب من الحدود التركية، والباقين ينعمون بحياتهم متأقلمين مع ذكرياتهم من المأساة.