10:23 م
الجمعة 23 فبراير 2024
كتب- محمود عبدالرحمن:
لم يكن وقع عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر الماضي، بالأمر الهين على الاحتلال الإسرائيلي ومؤسساته العسكرية والأمنية؛ إذ بلغت الخلافات داخل مجلس الحرب حد الاتهامات بالخيانة، تزامنا مع تمرد عدد من جنود جيش الاحتلال على أوامر القيادة العسكرية للالتحاق بجبهة القتال في غزة.
ومع نفور الشباب بالداخل الإسرائيلي من الانضمام لصفوف الجيش على مدار سنوات ماضية، اتخذ الاحتلال إجراءات عدة لتعويض التناقص في قواته، كان آخرها في 17 فبراير الجاري، عندما أقرّ وزير الهجرة بالحكومة الإسرائيلية، أوفير سوفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، خطة خاصة لتشجيع استقدام اليهود من حول العالم وتوطينهم في المناطق الحدودية مع لبنان وغلاف غزة والضفة الغربية المحتلة.
وترتكز الخطة في مضمونها على تقديم امتيازات خاصة ومكافآت مالية للمهاجرين الوافدين إلى الأراضي المحتلة، بعدما تراجعت معدلات الهجرة خلال العام الماضي؛ إذ بلغ معدل الانخفاض 40% مقارنة بالعام 2022.
ورغم ذلك فإن الخطة الجديدة لم تكن الأولى من نوعها؛ فقد سبق وأن أقرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعض البروتوكولات التي تهدف إلى استقطاب اليهود من حول العالم وخصوصا الشباب، أبرزها “رحلة الميلاد” و”قانون العودة”، فما هي آليات عملها؟.
قانون العودة
في عام 1950 أصدر الكيان الصهيوني ما يعرف بـ “قانون العودة”، والذي يسمح لليهود من مختلف الجنسيات حول العالم بالهجرة إلى إسرائيل للإقامة والحصول على الجنسية.
وتحرص حكومة الاحتلال على تفعيل القانون؛ لمواجهة التراجع الحاد في معدلات توافد اليهود عقب اندلاع الحرب في غزة أوائل أكتوبر الماضي.
ومنذ عام 2014 أسفر قانون العودة عن إفلات 60 مدانا باعتداءات جنسية ضد أطفال بالولايات المتحدة و 32 من جنسيات مختلفة من العقاب والمساءلة القانونية، وفق منظمات حقوقية.
وأظهرت تقارير المنظمات الحقوقية، أن هؤلاء المدانين انتفعوا بشكل كبير من القانون عبر تبييض سجلاتهم الجنائية فور وصولهم إلى إسرائيل، الأمر الذي دفع نشطاء حقوق الطفل للتحذير من عواقب مثل هذا البروتوكول الذي يمكن المتهمين اليهود من الفرار.
وكشفت تحقيقات أجرتها تلك المنظمات الحقوقية، أن شرطة الاحتلال تمتنع عن إجراء تحريات جنائية لليهود الوافدين إليها بغرض الاستيطان والحصول على الجنسية.
تقول شانا آرونسون، يهودية أمريكية في فيديو لها نشرته قناة الجزيرة، إن المعايير والسياسات العامة للتحقيقات التي تجريها الشرطة الإسرائيلية المحلية سيئة، لعدم إجراء أية تحقيقات جنائية للمنتقلين إلى إسرائيل من دول أخرى لضمان بقائهم.
تراجع الهجرة إلى إسرائيل، دفع الحكومة بوضع خطة خاصة تحت مسمى “سفينة اللاجئين”، والتي رصدت لها ميزانية بقيمة 170 مليون شيكل بما يعادل 46 مليون دولار، لتشجيع حملات هجرة كبيرة لليهود من جميع أنحاء العالم إلى إسرائيل، بجانب تخصيص مكافآت مالية شهرية وامتيازات مختلفة لهم، تشمل تقديم حلول في التعليم وفرص العمل على أن يكون هناك أولوية، لمن يوافق من المهاجرين على الاستيطان في الضفة الغربية والنقب والجليل الأعلى.
“رحلة الميلاد”.. بلا عودة
ولم يكف أتباع الحركة الصهيونية منذ قيام دولة الاحتلال عن محاولات الدفع باتجاه ترسيخ العقيدة المزعومة بالحق التاريخي لليهود في أرض فلسطين، لتبدأ “رحلات الميلاد” في عام 1999.
ويتم تقديم رحلات الميلاد التي تمتد لـ 10 أيام لليهود حول العالم بتمويل جزئي من حكومة الاحتلال بشكل مجاني، بهدف خلق ترابط بين الأراضي المحتلة والوافدين اليهود، في وقت يصادر فيه جيش الاحتلال الأراضي الفلسطينية ويحظر على سكانها العودة إليها.
وبشكل خاص، تستهدف رحلات الميلاد شباب اليهود الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 26 عاما.
وأطلقت رحلات الميلاد بدعم مالي من قبل 2 من رجال الأعمال اليهود يتم تقديمهم في وسائل الإعلام العبرية بصفتهم رواد للعمل الخيري اليهودي، وهما، تشارلز برونجمان الكندي الذي جنى ثروته من إحدى شركات الخمور “سيجرام” التي امتلكها حتى عام 2000، ومايكل شتاينهارت الأمريكي الذي تحوطه اتهامات باعتداءات جنسية.
وعلى الرغم من الامتيازات التي تقدمها حكومة الاحتلال خلال رحلة الميلاد، فإنهما لم تحظى بتأييد كثير من الشباب اليهود الذين وجهوا لها انتقادات كبيرة من حيث المبدأ.
“إن تسميتها بـ (حق الميلاد) في حد ذاته مشكلة”، هكذا قالت كاتي بوجن، شابة يهودية أمريكية، موضحة أن “ما يعنيه بشكل أساسي هو أن هؤلاء الشباب اليهود في الشتات الذين لم يذهبوا طيلة حياتهم إلى إسرائيل وربما لا تكون لديهم عائلات هناك وليست لديهم روابط وراثية أو أجداد بها يمكنهم أن يقرروا الذهاب في رحلة، وتقول لهم إن هذا المكان هو حقكم بالولادة أنتم تستحقون أن تكونوا هنا مرحبا بكم مرة أخرى”.
كذلك يصف موقع بيرث رايت، رحلة حق الميلاد بكونها رحلة حق مكتسب لمجرد أن يولد الشخص يهوديا، مشيرا إلى أن الهدف من الرحلة هو تشجيع الشباب اليهود الأمريكيين والأوروبيين على الهجرة إلى فلسطين.
تقول الشابة اليهودية الأمريكية كاترين بوجن، إن أهداف الرحلة تتكشف من خلال سن الحضور، إذ أن الحد الأدنى للمشاركة في الرحلة هو 18 عاما بينما الأقصى 26 عاما، وهم هؤلاء الأشخاص القادرون على الإنجاب ولديهم الوقت للعيش في إسرائيل والزواج والإنجاب.
ولفتت طالبة الدكتوراة في جامعة نبراسكا، إلى أن هؤلاء الشباب في فئة عمرية تجعلهم أكثر قدرة على أداء التجنيد الإجباري وأداء الخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضحت بوجن، أن هناك شروط للذهب في رحلة حق الميلاد تقول: “إذا كنت قد زرت إسرائيل من قبل لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر إذن فهم لا يريدون هؤلاء الشباب الذين يمكنهم الزواج وإنجاب أطفال يهود أو أولئك الذين يمكنهم تقديم خدمات للجيش”، لكنهم يريدون ألا يكون لدى هؤلاء خلفية مؤثرة سلبية عن دولة إسرائيل أو قضوا بها الكثير من الوقت”، وذلك وهو ما يعتبر غسيل دماغ من الاحتلال مثل جهود التنشئة الاجتماعية التي تبذلها المنظمات الصهيونية ومموليها.
ويحكي أحد المشاركين في رحلة حق الميلاد، عن رفض منظمو الرحلة السماح لهم بالاستماع إلى الفلسطينيين أو الحديث معاهم، وهو ما يهدف إلى عدم تكوين صورة سلبية لدى المشاركين عن الاحتلال.