04:30 م
الأحد 12 مايو 2024
المنيا – جمال محمد:
تحتضن محافظة المنيا منطقة “تل العمارنة” أحد أقدم وأهم المناطق الأثرية في مصر، منها خرجت أول دعوة دينية للتوحيد، ومنها هُرب تمثال نفرتيتي أشهر تماثيل مصر إلى ألمانيا منذ 112 سنة.
“مصراوي” يسرد لكم تاريخ المنطقة الأشهر في المنيا، والتي لازالت أسرارها دفينة أراضيها، وتحوي كنوزًا كثيرًة لم تُكتشف بعد.
عاصمة مصر القديمة
تقع منطقة تل العمارنة على بعد 60 كم جنوبي شرق مدينة المنيا، وهي منطقة اختارها الملك إخناتون وزوجته نفرتيتي لإقامة عاصمة مملكته التي أطلق عليها “أختآتون” لعبادة الإله الواحد “آتون” الذي رُمز إليه بقرص الشمس وتخرج منه أشعة، وتم إختيارها في عصر الدولة الحديثة بالتحديد في الأسرة الـ 18، فهي تقع بين عدة جبال بشرق النيل، وهو موقع مميز لإقامة مدينة مُتكاملة.
يبلغ طول المنطقة نحو 7 كيلو مترات تقريبًا، وعرضها 2 كيلو، وقبل أن يختارها الملك إخناتون لم يسكنها أحد، لذا قرر الملك أن تكون عاصمته الجديدة بدلًا من العاصمة القديمة “طِيبة” في الأقصر، إذ لم يكن الملك مقتنعًا بتعدد الآله، وبدأ يفكر في موقع مميز يبدأ فيه الدعوة لتوحيد الآلهة وهي عبادة الشمس، وبعد أن دخل في عداء كبير مع كهنة آمون، قرر أن يبحث عن منطقة جديدة لم يعيش فيها أحد قبله، ليُنشىء فيها عاصمته الجديدة، ويبدأ في الدعوة لديانته الجديدة مع زوجته الملكة “نفرتيتي”.
تضم المنطقة حاليًا العديد من الآثار المميزة وأبرزها بقايا القصر الشمالي والقصر الجنوبي والمقبرة الملكية، ومقبرة “مري رع الأول” ومُدون على مقابرها الفريدة رسومات تصف حياة الملك اليومية، وهي رسومات بالألوان المختلفة ولازالت في حالة أكثر من جيدة.
كما تضم المنطقة مقبرة “بانحسي” ومعبد آتون الكبير الذي كان به أكثر من 950 مائدة قرابين، لتقديم القرابين للآله، ومعبد آتون الصغير الذي يقع فى مواجهة مدخل المقبرة الملكية، وبه بقايا عمودين، و25 مقبرة لرجال البلاط الملكي وكبار المواطنين والكهنة.
أقدم لوحات حدودية
وتعد اللوحات الحدودية هناك من أبرز المعالم الهامة، ويبلغ عددها 14 لوحة حدودية صخرية بينها 11 فى الجبل الشرقي و3 بالجبل الغربي بمنطقة تونة الجبل، لترسيم حدود العاصمة القديمة، لتعد تلك من أقدم لوحات الحدود في العالم، وحرص الملك إخناتون عند قدومه للمدينة الجديدة على وصف وتدوين المدينة بالكامل على لوحات محجرية أسماها”اللوحات الحدود”.
وتضمنت تلك اللوحات أيضًا قسم الملك بأنه لن يغادر تل العمارنة وسيعيش ويدفن فيها، وظل فيها برفقة الملكة نفرتيتي التي عاشت حياة هادئة معه على، والدليل على ذلك هو ظهورها معه في كافة المشاهد الموجودة على جدران المقابر، إلى أن هجم كهنة آمون على المنطقة، وهجر أهلها المدينة وعادوا لعاصمتهم القديمة طيبة بالأقصر، واختفت العائلة الملكية.
كنوز مُهربة
يؤكد الأثريون أن كنوز تل العمارنة لازالت دفينة الأرض، والمنطقة لازالت لم تبوح بأسرارها، إلا أن أبرز ما خرج من أرضها وجرى تهريبه إلى ألمانيا من خلال العاملين في بعثة استكشاف ألماني عام 1912، هو تمثال نصفي للملكة نفرتيتي، والموجود حاليًا في متحف برلين، ويُعد الأكثر أهمية في آثار مصر المهربة مثلما حدث مع حجر رشيد، ورغم الجهود المصرية الطويلة خلال العقود الماضية لاسترداده إلا أن الحكومة الألمانية دائمًا ما ترفض.
على قوائم اليونسكو
منطقة تل العمارنة في السنوات الأخيرة استعدت للدخول في مرحلة جديدة بعد إعلان المحافظة في يونيو 2020 عن تجهيز ملف خاص بها لإنضمامها إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي، لتوافر العديد من المعايير الثقافية والتاريخية فيها والتي جعلتها تحفة فنية تاريخية، وتمثل حقبة زمنية هامة للعالم، وأبرزها الأعمال الفنية المنقوشة بدقة وتلقائية شديدة على جدران مقابر المنطقة، ولأول مرة نرى الملك والملكة والأسرة يقومون بجميع أفعالهم بدون تجميلها ولكن كأنها صور واقعية نشاهدها حية، بالإضافة إلى نوع الطوب الذى بنيت به المنطقة، وهو طوب” التلاتات ” الذي أكسب المنطقة نوعاً من التميز عن غيرها.
المكاسب المتوقع أن تجنيها المنطقة والمحافظة ككل فور وضعها على قائمة التراث العالمي، تكمن في زيادة أعداد السائحين بشكل كبير، فضلًا عن الاهتمام والحفاظ على المنطقة بشكل كبير والعمل على تطويرها من خلال خطط معتمدة عالمياً.
اقرأ أيضًا:
بالصور- قصة معبد التماسيح الغريب في المنيا.. “نيرون” 3 أدوار بسفح الجبل
حكاية أغرب مئذنة مسجد في مصر.. عمرها 1000 عام وتنافس برج بيزا المائل