04:18 م
الأربعاء 08 مايو 2024
واشنطن – (د ب أ)
إذا أثارت إيران أزمة اقتصادية خلال موسم الانتخابات المقبل في الولايات المتحدة، فقد تكون هذه هي “مفاجأة أكتوبر” الأخيرة لحملة الرئيس جو بايدن الانتخابية.
وقال الكاتب الأمريكي ريتشارد مينيتر في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية إن إيران تطوق إسرائيل وتتحرك لخنق استخدام أمريكا لقناة السويس، التي تمر بها كميات كبيرة من النفط والغاز والسلع الاستهلاكية في العالم. وتستحق تحركات إيران الاستراتيجية المزيد من الاهتمام من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) والبيت الأبيض- ومن حملتي المرشحين للانتخابات الرئاسية.
وأشار مينيتر إلى تحركات إيران في المنطقة مشيرا إلى أنه “على الحدود الجنوبية الغربية لإسرائيل، تدعم إيران حركة حماس في قطاع غزة، والتي تحتجز حاليا رهائن من الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى.
وعلى الحدود الشمالية الغربية، تمول إيران حزب الله الذي كان يقتل ويخطف أمريكيين منذ ثمانينيات القرن الماضي واليوم يطلق الصواريخ بكثافة على الإسرائيليين. وفي شمال القدس، تمول إيران وتسلح وتدرب جماعات إرهابية في سوريا. وعلى بعد أميال قليلة شرق إسرائيل، في الضفة الغربية، تقدم إيران إمدادات وأموال وذخيرة”.
وفيما يتعلق باليمن، قال مينيتر إن إيران تتمتع بسيطرة فعلية على قوات المتمردين اليمنيين الحوثيين، التي تشن ضربات صاروخية وبطائرات مسيرة على سفن البحرية الأمريكية وسفن الشحن. وغالبا ما يتم توجيه هذه الضربات بواسطة سفينة تجسس إيرانية وبسرب من المسيرات إيرانية التصميم. وتحت حكم رؤساء أمريكيين آخرين، كانت مهاجمة سفينة تابعة للبحرية الأمريكية تعني الحرب، إلا أن إدارة بايدن قررت أن تعتمد على الدفاع المضاد للصواريخ، لتتجنب حربا أشمل، في الوقت الحالي.
وقال مينيتر إنه على الجهة المقابلة من البحر الأحمر توجد مدينة “بورتسودان”، موطن فصيل الجيش السوداني الموالي لإيران. وقد رحب الجنرال عبد الفتاح البرهان قائد المجلس العسكري في السودان بزيارات من فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني وروج لأيديولوجية مشابهة لمواقف حماس وحزب الله.
وخلال الحرب الأهلية الحالية في السودان التي تقاتل فيها فصائل الجيش السوداني المدعومة من إيران ضد قوات الرد السريع المدعومة من روسيا، والتي تسيطر على العاصمة الخرطوم، قدمت إيران تصاميم وأجزاء من مسيرات “مهاجر 6”. وتعد هذه الطائرات المسيرة قوة جوية متمردة، حيث أن القوة الجوية الحقيقة للسودان هي سوفيتية الصنع وهي متوقفة إلى حد كبير.
وبفضل المسيرات الإيرانية، حققت فصائل الجيش مكاسب ضد قوات الرد السريع في مدينة أم درمان، على الجانب الأخر من نهر النيل في مواجهة العاصمة.
ويرى مينيتر أن إيران تقوم باختلاق نسخة جديدة من حماس في السودان (وقد قامت إيران بالفعل بإنتاج نسخة من حماس في العراق، تعرف باسم قوات الحشد الشعبي العراقية). وفي السودان، تعرف هذه المجموعة باسم “كيزان”، وتمتلك روابط بكل من حماس وحزب الله وفروع أفريقية لتنظيم القاعدة.
واعتبر الكاتب أنه إذا سيطر حلفاء إيران على السودان فإنها ستكون قد ضيقت الخناق حول إسرائيل. وتساءل عما يعنيه هذا بالنسبة للولايات المتحدة وسباق الانتخابات الرئاسية 2024؟
وقال مينيتر إنه بالنسبة للولايات المتحدة، فإن طلبات إسرائيل العاجلة للحصول على صواريخ اعتراضية أمريكية الصنع وتدخل عسكري أمريكي ستتزايد بدرجة كبيرة للغاية.
وقبل أسابيع قليلة، قدمت إدارة بايدن الأمرين لاسقاط موجة من الصواريخ والمسيرات التي استهدفت قاعدة للقوات الجوية الإسرائيلية. والآن بدأت المخزونات الأمريكية في التراجع ولم تعد تشعر واشنطن بالرغبة في وضع الطيارين الأمريكيين في طريق الخطر. وذلك بالإضافة إلى هجمات الصواريخ والمسيرات على السفن الأمريكية وسفن الشحن في البحر الأحمر، وربما يكون ذلك من الساحلين (من اليمن والسودان). لذلك فإن إسرائيل ستجري اتصالات طلبا للمساعدة في وقت لن ترغب فيه واشنطن في الرد على الهاتف.
وأشار مينيتر إلى أنه بالنسبة للبيت الأبيض تحت حكم بايدن، لن يكون من الممكن تحمل التوترات بين أنصار إسرائيل وأنصار فلسطين في إدارته . ولا يوجد حل لن يغضب أحد الطرفين.
وقد تصبح الأمور أكثر سوءا بسرعة، فبدون حرية الملاحة في البحر الاحمر، تصبح قناة السويس بلا قيمة، وسيتم قطع الممر الرئيسي للتجارة بين الشرق والغرب. وسيتعين نقل شحنات النفط والغاز حول قارة أفريقيا، الأمر الذي يزيد التكلفة ويبطئ تسليم الشحنات. وستقفز أسعار الطاقة في أمريكا، التي تحددها السوق العالمية التنافسية، مع توجه الناخبين إلى مراكز الاقتراع.
كما أن اضطرابات سلاسل الإمداد ستؤثر على المستهلكين الذين يعانون بالفعل من التضخم. ولا يتعين على المواطن العادي إجادة تعقيدات الجغرافيا السياسية ليرى ارتفاع الأسعار عند تسديد ثمن المشتريات أو تزويد سيارته بالوقود.
كما أن موقف بايدن من حرب أوكرانيا سيصبح أكثر تكلفة أيضا، فبدون قناة السويس، ستجد أوكرانيا صعوبة في بيع أسمدتها. وتعد روسيا أكبر منتج للاسمدة في العالم في حين أن أوكرانيا كانت مصدرا كبيرا قبل الحرب. وإذا سمحت إيران للسفن الروسية بالعبور ومنعت كل السفن الأخرى، ستخسر أوكرانيا ثروة من عائدات التصدير، ولذلك فإن أوكرانيا ستلجأ أيضا إلى الولايات المتحدة طلبا للمساعدة.
وقال مينيتر إن الدول النامية ستكون هي التالية. فمع ارتفاع أسعار الأسمدة بالنسبة لهم، سترتفع أسعار المواد الغذائية، مما يزيد من خطر حدوث انعدام للأمن الغذائي.
ويرى أن دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي تعتمد على واردات النفط والغاز ستعاني أيضا من ارتفاع الأسعار وتطالب بالعمل على خفضها. وفي العام الجاري، ستجري العديد من الدول الأوروبية (ومن المرجح أن تكون بريطانيا من بينها) انتخابات أو مفاوضات لتشكيل اتئلاف حاكم (ومن بينها ألمانيا وهولندا). وهناك توقعات بفوز الأحزاب المعارضة للمؤسسات بالمزيد من المقاعد.
ومع ذلك، فإن إدارة بايدن تمتلك خطوات مضادة متاحة ، فمن الممكن أن توفر الأمن والمراقبين للانتخابات في معظم المدن والمقاطعات السودانية التي لا تخضع حاليا لسيطرة قوات الدعم السريع أو الجيش السوداني، كما اقترح الدبلوماسي السوداني السابق مكي المغربي. كما تستطيع الولايات المتحدة فتح مركز إغاثة دولي غير عسكري بالقرب من بورتسودان وتقوم بتوزيع الغذاء والأدوية على المدنيين بواسطة المروحيات.
ويمكن أيضا أن تعمل على تكثيف التعاون ضد الإرهاب في مختلف أنحاء المنطقة لاعتقال المدربين العسكريين الإيرانيين وضبط شحنات قطع غيار المسيرات. وأخيرا يمكن أن يوجه بايدن البحرية لإغراق سفينة التجسس الإيرانية التي تنقل المعلومات لاستهداف السفن الأمريكية وسفن الحلفاء في البحر الأحمر.
واختتم مينيتر تقريره بالقول إن إيران نصبت فخا لإسرائيل وأمريكا، وعندما تغلق فكيها، فمن الذي سيلومه الناخبون والحلفاء؟