01:14 م
الأحد 09 يوليو 2023
كتب- عبدالله عويس:
في أغنية لأحمد علي (ويجز) وأحمد محمد (عفروتو) تحت اسم «مش هقولك بيبي» جرى إنتاجها عام 2019، كان المغنيان يرددان عبارة «قفلت السكة فـي وشك، ألو، هذا الرقم بيقولك حليني، فعملت بلوك، بلوك، بلوك، بلوك، زي رضوى الشربيني» في استخدام وتذكير بجملة شهيرة، سبق للمذيعة أن استخدمتها.
كانت الأغنية نتاج حالة، صنعتها الشربيني، في العام الذي يسبق إنتاج الأغنية، لكنها وخلال أيام عيد الأضحى المنصرم، دونت منشورا من 13 كلمة ووجه تعبير (إيموجي) سرعان ما لاقى تفاعلا وجدلا وغضبا وضحكا وسخرية في آن معا «مش فاهمة ليه البنات ما تحبش تاكل لحم الخروف بس بتحب ترتبط بيه» لتعلن إدارة قنوات «سي بي سي» تحويل مذيعة برنامج «هي وبس» للتحقيق بسبب ما كتبته، قبل أن تحذف المنشور.
تنافس رقمي
وينظر لتشبيه الأشخاص ببعض الحيوانات بشكل عام، على أنه إهانة، وإن كان التشبيه ببعضها الآخر يمثل مدحا. لكن بعض التشبيهات تحمل دلالة شعبية مصرية تطعن في رجولة البعض والتشكيك في أخلاقه، مثل «الخراف وذكر البط». ولذلك كان المنشور الذي يحمل لوما للنساء على اختياراتهن غير الجيدة فيمن يرتبطن، يحمل ما اعتبره بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، إهانة غير مقبولة للرجل.
خطوة التحقيق مع رضوى، اعتبرها البعض جيدة، لوقف ما اعتبروه موادا هجومية تستقطب البعض في ظل تنافس رقمي على حصد المشاهدات والتفاعل، فيما اعتبر آخرون أن خطوة التحقيق بسبب منشور على صفحتها الشخصية، لا علاقة له بعملها، ويجب الفصل بين الاثنين، لكن منشور القناة عبر حساباتها أوضح أن المنشور «تسبب في إساءة لاسم المؤسسة، رغم أنه لم يذع أو ينشر على أي منصة من منصات القنوات». لكن وقائع أخرى لمذيعين ومذيعات طرحوا أفكارا عبر حساباتهم وأحيلوا للتحقيق، في منصات عالمية، تم الدفع بها لتأكيد صحة موقف إدارة القنوات.
تقول ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق، إن التحقيق مع المذيع بسبب تدوينات شخصية، يحدث في الإعلام الغربي، الذي يؤمن بالحرية المطلقة، وحين يكون هناك تعاقد مع مذيع أو مذيعة، لا سيما بعد انتشار الإعلام الرقمي، ووجود حسابات للإعلاميين على العالم الافتراضي، فإنه يدون ضمن شروط العقد، ألا ينشر على حسابه الشخصي ما يضر بالقناة، وتحاسبه على ذلك «ورأينا هذا في قنوات عالمية، لأن المذيع محسوب عليها».
واقعة البلوك
الإعلامية التي بدأت مشوارها المهني تلفزيونيا منذ نحو 15 عاما، بين قنوات خاصة والتلفزيون المصري، قبل انتقالها لقناة «سي بي سي سفرة» في عام 2017، أثارت جدلا كبيرا في عدة مواقف، لم يكن «الارتباط بالخروف» أولها، وهي مع كل موقف تثير الجدل وتجلب تعاطفا معها وسخطا في آن معا.
في عام 2018 وبينما كانت المذيعة تقرأ مشكلة لفتاة من فتاة سبق أن تركها شاب زعمت أنه أحبها عدة سنوات، وتقدم لها ورفضته أسرة المتصلة، حتى وافقوا فاختفى هو يوم «قراءة الفاتحة ولم يحضر وقال إن لديه ظروفا، وتواصل معها بعد ذلك قائلا إنه لا يود البعد عنها»، لتنصح الشربيني المتصلة بأن هناك خيار الحجب (بلوك) من كافة وسائل التواصل، وبطريقة مميزة عددت أشكال الحجب «بلوك على فيسبوك، بلوك على واتساب، بلوك تليفونات، بلوك إنستجرام، بلوك بلوك بلوك» وهو مقطع فيديو أكسب رضوى انتشارا كبيرا، مصريا وعربيا.
تلقفت جماهير مختلفة ذلك المقطع وأعادوا نشره، واصفين رضوى بأنها «عدوة الرجل» وفي بعض الأحيان «خرابة البيوت»، في حين أنها اكتسبت حفاوة من البعض، رأين فيها صوتا معبرا عنهن، وصارت المكالمة مادة خصبة لـ«كوميكس وميمز» وأغنيات كذلك، شاركت رضوى بعضها على حسابها الشخصي بموقع فيسبوك.
في لقاء لرضوى الشربيني مع منى الشاذلي، جرى نشره في نوفمبر 2018، اختار ناشروه على قناة البرنامج على موقع الفيديوهات الشهير «يوتيوب»، أن يضعوا له عنوان «كام راجل اتعمله بلوك بسبب رضوى الشربيني؟» تم عرض فيديو «البلوك»، ليقول أحد الحاضرين إنه تعرض لـ«بلوك» لتخبره رضوى بأنه «أنت مضايقها». يعود الشاب للحديث لافتا إلى أن من حجبته شاركت الفيديو الخاص برضوى قبل أن تقوم بذلك بساعة، وحين سألته منى الشاذلي حول مصالحته الفتاة أخبرها ببساطة «ما أنا اتعملي بلوك!» وسط ضحك الحاضرين، لتمازحه رضوى «أنا هقولها تعملك أن بلوك».
في ذلك اللقاء، سألتها منى الشاذلي، هل ما يحدث لك سوء تفاهم بينك وبين فئة من الرجال، أم أنه طريقة تفكير اختلفوا معك فيها، فأجابت رضوى أنها لم تقل جديدا، ولا تستحق أن يصنع منها بطلة أو رمزا، معيدة التذكير بحكايات وصلتها، وأن ردودها سيتفق معها الكثيرين «ما أطلبه المودة والرحمة».
تأييد ونقد
ويتابع البعض رضوى الشربيني، باعتبارها مناصرة لحقوق المرأة، ومدافعة عن حقوقها، وصاحبة أفكار تعمل على إكساب الفتيات خبرة في مواجهة مواقف عدة، تتعلق بالارتباط والعلاقة بالزوج، ومواجهة التحرش بأشكاله المختلفة، لفظيا وجسديا. وهي بذلك تكسب تأييدا من البعض ونقدا من البعض الآخر، باعتبارها لا تمثل جملة النساء من طرف، في حين أن طرفا آخر يعدها نموذجا لما ينبغي أن تكون عليه المرأة.
تقول ندى محمد، وهي طالبة تدرس الإعلام في إحدى الجامعات الخاصة المصرية، إن رضوى نموذجا لها، سواء فيما يتعلق بأفكارها حول الارتباط، وما تقدمه من مواد إعلامية، وتطمح أن تكون مثلها في العالم المهني «أعتبرها شخصية ناجحة، الجدل المثار حولها دليل نجاح لا فشل». تتابع ندى حلقات رضوى، وحساباتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتتفاعل معها بشكل إيجابي، وإن رأت أحيانا أنها تبالغ في مهاجمة الرجال، لكن ذلك مقبولا بالنسبة للفتاة الجامعية كون المجتمع «ذكوريا» بحسب وصفها.
رضوى وياسمين
لكن ما حدث مع «موقعة البلوك» خلق حالة استقطاب مع وضد المذيعة، ثم انتقلت حالة الاستقطاب مع ظهور منافس لرضوى على الجهة الأخرى، تجذب رضوى جمهورا، وتجذب ياسمين عز جمهورا على النقيض من أفكار الأولى، في حلبة مصارعة، الرهان فيها على مشاهدات الجمهور. إلى الحد الذي دفع بالمذيعتين لتراشق بتدوينات، بتلميح دون تصريح.
وتقدم ياسمين عز برنامج «كلام الناس» على قناة «إم بي سي مصر»، وتصف الرجال دوما بعبارات يعتبرها كثيرون تحمل مبالغة، وفيها إهانة للمرأة، ويتلقف رجال عبارات ياسمين وكلماتها، حول «الفرعون المصري» ويشاركونها على نطاق واسع، بين احتفاء وسخرية.
تقول ليلى عبد المجيد، أستاذة الإعلام وعميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق، إن دور الإعلامي البناء لا الهدم، ومن حيث المبدأ فإن المذيع ليس دوره أن يكون الناصح الأمين، الذي يقدم إرشادات للمشاهد، لكنه يقدم له معلومات ونصائح من خبراء ومتخصصين، لكن ما حدث بعد 2011 أن تحول المذيع إلى دور الضيف، ويستقطع من وقت الحلقة لحديثه الوقت الأكبر منها، وهذا ليس دوره «لكن نستعين بمتخصصين في كافة المجالات هم من يقومون بذلك الأمر، لتقديم معلومات صحيحة للناس، الذين يكونون رأيا يؤثر في حياتهم».
تلاسن غير مباشر
ما بين جمهوري رضوى وياسمين، كانت هناك متابعة للتراشق غير المباشر بين المذيعتين، فكتبت ياسمين موجهة كلماتها لمجهولة أنها لا تسعى لتخريب البيوت كما يفعل البعض، ثم دونت رضوى أنها تحب السيدة التي تربت على الأصول ولها كرامة، ولا تتصرف أو تتكلم كعبدة أو مملوكة، وامتد السجال غير المباشر لأكثر من ذلك.
ذلك التراشق غير المباشر، امتد أثره للمقارنة بين المذيعتين، نقاش معمق يتناول ما تقدمه المذيعتان، وتأثيره على المشاهدين، بين رفض للنموذجين، أو تسجيل نقاط إيجابية لكل منهما، مرورا بنقاش سطحي يصل إلى الصورة، كما المقارنة بين حجاب الاثنتين، حين ارتدت كل منهما غطاء للرأس على حدة في حلقات متباعدة.
وترى ليلى عبد المجيد، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن المذيعتين، يميلان إلى الإثارة والمبالغة، فيما يتعلق بالرجل والمرأة، بشكل يحرض كل طرف على الآخر، وهو ما يخلق قلقا اجتماعيا «لا أعتقد أن السياسة التحريرية لأي قناة تقوم على تحريض كل طرف على الآخر» لكن الإثارة وحتى الانتقاد على مواقع التواصل الاجتماعي يحقق شهرة لهما وانتشارا أكبر، بحسب أستاذة الإعلام.
عداد المشاهدات
ويتابع رضوى الشربيني 11 مليون حساب على صفحتها الموثقة على فيسبوك، أما حسابها على إنستجرام فيكاد يصل عدد متابعيه لنحو 15 مليونا، فيما يصل عدد المشتركين بقناة برنامجها «هي وبس» على موقع الفيديوهات يوتيوب، 5.8 مليون مشترك، ويصل عدد متابعي صفحة البرنامج على فيسبوك 11 مليونا. أما ياسمين عز فيتابعها على حسابها الموثق على فيسبوك 3.1 مليون حساب، ويصل متابعيها على إنستجرام 1.5 مليون حساب، فيما يصل عدد متابعي قناة برنامجها «كلام الناس» على يوتيوب 177 ألف حساب، ويصل عدد متابعي صفحة برنامجها على فيسبوك 666 ألف متابع.
تتابع ريم مصطفى، في بعض الأحيان، وهي فتاة تعيش في القاهرة، وخريجة في كلية الحقوق، حديث رضوى الشربيني وياسمين عز، وترى أنهما متطرفتين في أفكارهما، وما يطرحانه لا يمثل قاعدة للجميع أو حتى البعض، لكنها تبدي تعاطفا مع رضوى الشربيني، التي سبق وتحدثت عن حياتها الشخصية ومعاناتها، لكنها لا ترى ذلك مبررا لطرحها أفكارا تهاجم الرجال بذلك الشكل، لكنها أكثر انتقادا لياسمين عز، وترى حديثها غير واقعي ويكاد يكون خياليا «فأنا لا أؤيد هذه أو تلك، وما يقدمانه كنموذج لما يجب أن تكون عليه المرأة، لا أراه نموذجا صحيا».
الفروقات الفردية
تقول عبلة البدري، أستاذ علم الاجتماع، واستشارية حقوق الطفل والأسرة في حديثها لـ«مصراوي» إلى أن الفروقات الفردية، تحتم على مقدمي البرامج ألا يسقطوا مشكلاتهم على الآخرين، فالتعاطي مع المشكلات مختلف، وما يكون هينا لشخص، يكون ثقيلا على آخر «فالمذيعة ليست مرجعا، وغير مختصة، ولا تخاطب مجموعة من أصدقائها إنما ملايين المتابعين، ما يتسبب في خراب بيوت وتدمير علاقات وأسر، إذا كان الكلام غير منضبط».
الرأي نفسه، يؤمن به محمود فتحي، الذي يعتبر أن العلاقات العاطفية تختلف من شخص لآخر، والمشكلات لها أكثر من شكل للحل بين كل اثنين، ولا يمكن أن توجه نصيحة لعدد من الأشخاص لهم ثقافات مختلفة، وتصلح معهم جميعا «وهذه نقطة خلافي سواء مع برنامج رضوى الشربيني، أو برنامج ياسمين عز، في أنهما يقدمان كثيرا النصائح، حتى في وجود مختص» لكن الأمور الأخرى التي يقدمانها سواء الطعام أو الملابس أو البشرة والتجميل وتصفيف الشعر، أو استضافة نماذج ناجحة في المجتمع، فلا توجد مشكلة بالنسبة لمحمود فيها «لكن في رأيي الشخصي، فكلاهما لا ينصفان المرأة أو الرجل».
حكايات مماثلة
سبب الإقبال على مشاهدة ومتابعة مثل هذه البرامج وما يشابهها من برامج أخرى تتعلق بالارتباط والزواج، سواء كان يقدمها رجال أو نساء، تعزيه عبلة البدري، المتخصصة في علم الاجتماع، إلى إن كثيرا من الأشخاص، يميلون إلى مشاهدة البرامج التي تخاطب الأشخاص وتستمع إلى مشكلاتهم الحياتية، بميلهم الطبيعي إلى الفضفضة، والاستماع إلى حكايات مشابهة لما يمرون به، لكن ذلك يجعل تلك البرامج ذات طبيعة حساسة، إذ تتعلق بمشكلات مجتمعية، لا سيما الأسرة والعلاقات بين المرتبطين «ولذلك فالمتحدث في هذه الأمور يجب أن يكون على معرفة أولا بمدى حساسية ما يناقشه، وملتزم بمعايير قوية تتعلق بالصحة النفسية والعلاقات».
وفي مصر تشهد حالات الطلاق نسبا مرتفعة، فبحسب إحصائيات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن نسبة الطلاق في عام 2021 بلغت 14.7% مسجلا 254 ألف و777 حالة في ذلك العام، فيما كانت أعداد حالات الطلاق في العام الذي يسبقه 2020، 22 ألف و39 حالة طلاق.
وترى البدري، وهي استشارية حقوق الطفل والأسرة، أن ذلك يستدعي ضرورة أن يكون المتحدث في تلك الأمور، حول الارتباط والطلاق والزواج، متخصصا في علم الاجتماع أو علم النفس، وإن كان للأمر بعد ديني فيلزم وجود رجل دين يوضح الأمر بوسطية وعلم أكاديمي، ولا يقوم على الأهواء أو الاعتقادات الفردية.