06:00 م
الخميس 03 أكتوبر 2024
كتب- محمد سامي:
ملحمة نصر أكتوبر وُصفت بالإعجاز العسكري على مستوى العالم، وذلك بسبب نجاح القوات المصرية في تخطي أحد أقوى وأعقد الحواجز الدفاعية، هذا المانع تضمن قناة مائية بعرض لا يقل عن 100 متر وعمق يتراوح بين 50 و60 قدمًا، إضافة إلى ساتر ترابي في الجانب الشرقي بارتفاع يصل إلى 20 مترًا وزاوية حادة، كما احتوت المنطقة على ألغام، موانع صناعية، دشم، ونقاط دفاعية محصنة مزودة بصواريخ ومدفعية متنوعة.
“معركة العبور”، كانت من أهم المعارك، حيث كان العدو الإسرائيلي يفتخر بخط دفاعه ويعتبر عبوره مستحيلًا، وسلاح المهندسين العسكريين كان له دورًا كبيرًا في تحقيق هذا الإنجاز، حيث تمكن من فتح ثغرات في الساتر الترابي، سد منافذ النابالم، وإنشاء الكباري التي عبرت عليها المشاة والمدرعات والمدفعية. من بين هؤلاء الأبطال كان اللواء أ.ح مهندس عصام عبد الحليم، الذي شارك في الحرب كقائد مهندس برتبة رائد في الجيش الثاني الميداني بالقطاع الجنوبي لقناة السويس.
وذكر اللواء عصام أن البدايات تعود إلى ما بعد النكسة مباشرة، حيث كان يخدم في كتيبة الكباري في ذلك الوقت، كان العدو الإسرائيلي ينفذ العديد من الغارات، مما أثر على حياة المواطنين الذين عاشوا في أجواء كئيبة، وبدأت القوات المصرية بعد النكسة في الاستعداد لاستعادة الأرض، ومن ضمن هذه الاستعدادات كان إنشاء حائط الصواريخ.
عمل اللواء عصام وجنوده على بناء قواعد خرسانية ورملية لقوات الدفاع الجوي من 1968 حتى 1973، بما في ذلك 600 ملجأ محصن للطائرات، وبدأت ملامح النصر تظهر عندما تمكنت قواتنا من إسقاط طائرات الفانتوم الإسرائيلية، مما كان أول صفعة قوية لإسرائيل بعد حرب الاستنزاف.
وأشار اللواء إلى أن العدو الإسرائيلي أقام خطًا دفاعيًا حصينًا يتضمن نقاطًا قوية وساترًا ترابيًا مرتفعًا يحتوي على دشم للأسلحة المضادة للدبابات، بالإضافة إلى أنابيب مملوءة بالنابالم لحرق أي شيء في القناة. غير أن سلاح المهندسين المصريين تمكن من سد منافذ هذه الأنابيب قبل بدء الحرب.
وقبل الحرب بعشرة أيام، تلقى اللواء عصام مهمة تتضمن إمداد كتيبته بـ15 قاربًا مطاطيًا، كما لاحظ زيادة في كميات الوقود والتغذية الممنوحة. هذه الإشارات جعلته يدرك أن ساعة الصفر اقتربت. وفي ليلة السادس من أكتوبر، صدرت الأوامر بفتح ثغرات في الساتر الترابي، وتمكن سلاح المهندسين من إنجاز المهمة في أقل من خمس ساعات، حيث تم إنشاء 15 كوبري ثقيل و10 كباري اقتحام خفيفة لعبور القوات.
أوضح اللواء أن فرقته كانت الوحيدة التي تمكنت من فتح الثغرات في الساتر الترابي أمام الكباري باستخدام المفرقعات، حيث كانت طبيعة الساتر مختلفة عن المواقع الأخرى التي استخدمت فيها خراطيم المياه. هذا الإنجاز ساعد في تدفق القوات المصرية بشكل سريع لعبور القناة، رغم التهديدات المستمرة من العدو.
واستذكر اللواء عصام أيضًا يوم النصر، حيث صدرت الأوامر بعدم تنظيم الطابور الصباحي، والبقاء في الخنادق استعدادًا لبدء الحرب. وفي الساعة الثانية ظهرًا، بدأت الحرب، وعندما حلقت الطائرات المصرية فوق رؤوسهم، ارتفعت صيحات التكبير من الجنود. في لحظات الحماس الشديدة، تسابقت المركبات المصرية للعبور فوق الكباري نحو الضفة الشرقية للقناة، رغم الأوامر بترك مسافات أمان بين كل مركبة وأخرى. ورغم القصف الإسرائيلي، عبرت القوات بسلام.
وأشار اللواء إلى لقائه بالشهيد اللواء أحمد حمدي، الذي استشهد لاحقًا أثناء وقوفه على أحد الكباري، حيث أصابته شظية جعلته ينال الشهادة في 14 أكتوبر.