03:38 م
الأربعاء 08 يناير 2025
الغربية- مروة شاهين:
في قرية مسهلة التابعة لمركز السنطة بمحافظة الغربية، خيم الحزن والأسى على أهالي القرية بعد تلقيهم خبر وفاة الشاب محمد أحمد أبو ستة، البالغ من العمر 23 عامًا، إثر تعرضه لطلق ناري غامض أثناء عمله في إيطاليا.
بعيون غارقة في الدموع، ووجه شاحب يحمل كل معاني الألم، جلست والدة محمد ترتدي عباءتها السوداء، وملامحها تحكي حكاية فراق لا يندمل. لم تتوقف الأم عن تكرار جملتها المؤلمة: “هاتولي ضنايا يدفن جنبي”.
تقول الأم: “كان ابني هو سندي، كان الأمل الوحيد لي ولأبيه المريض. سافر منذ سنتين ونصف إلى إيطاليا بحثًا عن فرصة عمل لتأمين مستقبله وتخفيف أعباء الحياة عن كاهلنا. كان آخر اتصال بيني وبينه يوم الثلاثاء الماضي، أي قبل وفاته بنصف ساعة، عندما تحدث مع شقيقته وقال لها: “خلي بالك من أمي ووصيهم على بعض”. لم أكن أعلم أن تلك الكلمات ستكون الأخيرة منه.”
رحلة الغُربة من الأمل إلى الألم
محمد كان يعمل في مجال المعمار، غادر قريته صغيرًا حاملًا معه أحلامًا كبيرة وأمنيات لأسرته البسيطة. لكن الأشهر الأربعة الأخيرة من حياته كانت صعبة للغاية، حيث دخل في حالة نفسية سيئة بسبب قلة فرص العمل. كان يقضي أغلب وقته جالسًا في مكان إقامته، بعيدًا عن صخب الحياة التي حلم بها يومًا.
قبل الرحيل بأسبوع
تكمل الأم حديثها والدموع تسبق كلماتها: “كان ابني ينوي العودة إلينا هذا الأسبوع، كان يعد الأيام واللحظات للقاء والده المريض وأخواته. لكنه عاد إلينا جثمانًا، بدلاً من أن يعود حيًّا ليكمل أحلامه.”
المصحف شاهد على نقائه
يحكي والده، الذي يعاني من بتر في قدمه، بصوت يملؤه الحزن: “كان محمد شابًا صالحًا، معروفًا بحسن الخلق والالتزام بالصلاة. أصدقاؤه في إيطاليا وجدوا المصحف بجوار سريره بعد وفاته، وكان دائمًا يحاول أن يظل قريبًا من الله رغم الغُربة وصعوباتها.”
مطالب بكشف الحقيقة
تطالب الأسرة اليوم بعودة جثمان محمد إلى أرض الوطن، حتى تستطيع والدته أن تُنفّذ وصيتها الأخيرة: “هاتولي ضنايا يدفن جنبي”، كما ناشد والده المسؤولين بالتحرك السريع لكشف ملابسات الحادث الغامض، ومحاسبة المسؤول عن وفاته، مؤكدًا أن نجله لم يكن له أي عداوات أو خلافات مع أحد.
“الحلم الذي لم يكتمل”
كان محمد يحمل على عاتقه هموم أسرته الصغيرة، وكان يحلم بالعودة ليفرح الجميع به، لكن الرصاصة التي أنهت حياته في غُربة قاسية أغلقت كل الأبواب.