01:45 ص
الأحد 10 نوفمبر 2024
كتب- محمود الطوخي:
ممددًا على عربة “كارو” كانت طوق نجاته، بعدما ناكف تأوهاته لعشرة أيام، يُغادر بلدته “بانت” في أم درمان بالخرطوم، بينما تتساقط عليها قذائف الدعم السريع، قبل أن يصل إلى ملاذه في “ضاحية الثورة” بطرف المدينة الغربي تحت سيطرة الجيش الوطني.
هكذا، غادر هاشم صديق، الشاعر السوداني والكاتب الصحفي، قريته قبل نحو عام مريضًا، يُلقي نظرات الوداع الأخير عليها، تاركًا في نفوس محبيه توجسًا من ألا ينجو، لكن رسالة جاد بها بصوت وهن هدأت من روعهم: “لست خائفا أو حزينا.. أود أن أشكر الذين اجتهدوا في إخلائي بهذه الطريقة”.
الآن، تنتهي “أحلام الزمان” لهاشم صديق الملك علي، وتذبل مع رحيله “نبتة حبيبتي”، بعد أن رحل بـ”وجه الضحك المحظور”، مستقلًا “قطار الهم” إلى وجهته، ويعيش بعيدا عن السودان كـ”الغريب والبحر”، يُنادي بلاده بأن “انتظري”، ليرسل إليها “كلام للحلوة”، تعيقه الحواجز مع الحراز والمطر.
لم يقنع وليد عام 1957، بالشعر وحده، فاقتحم بخواطره المسرح والتلفزيون، ليصنع الملحمة وهو في العشرين من عمره، يفتح بها باب فن الغناء الكورالي الموسيقي بالسودان.
لم تخلُ حياة، صاحب الـ67 عاما من العداوات سياسية، فلم ترُق توجهاته نظامي البشير ونميري حتى أوقفا أعماله “لدواع أمنية”.
بالأمس القريب، سُجل الرابع من نوفمبر 2024، موعدا للرحيل، تاركا “الرومانسية الجديدة” بلا أمير، بعدما نازع المرض بلا قدرة، تتوقّى نفسه إلى نيل بلاده ووديانها، مخلّفا شغورا في المشهد الأدبي والثقافي السوداني، وتكون بني ياس الإماراتية مستقره الأخير.