02:38 م
الخميس 26 سبتمبر 2024
كتبت- سلمى سمير:
مع تصاعد التوترات بين حزب الله اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الأيام الأخيرة، تزايدت المخاوف الدولية من مخاطر اتساع رقعة الحرب، وسط شكوك حول ماهية الاشتباكات بشأن ما إذا كانت حربًا شاملة بين الطرفين أم أنها مجرد تحذير إسرائيلي لردع الجماعة اللبنانية ولإجبارها على وقف هجماتها.
وفي الأيام القليلة الماضية كثّف حزب الله من هجماته التي تخطت مستوطنات الشمال الإسرائيلي قرب الحدود مع لبنان، مستخدما صواريخ باليستية لم يسبق وأن استخدمها في الصراع الدائر منذ ما يقرب من عام، ليرد جيش الاحتلال الإسرائيلي بسلسلة غارات هي الأكبر منذ حرب لبنان 2006.
لكن على الرغم من ذلك يرفض الطرفان، حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، إطلاق مصطلح “حرب” على الاشتباكات الجارية، والتي أدّت إلى موجة نزوح لعشرات آلاف المدنيين من الجانبين.
وفي هذا الشأن يقول المحلل العسكري والمتخصص في الشأن اللبناني، العميد خالد حمادة في تصريحات خاصة لـ “مصراوي”، إن ما يحدث ليس مجرد كارت تحذير وإنما حرب حقيقية شاملة يقف لبنان الآن في وسطها، مشيرا إلى أن القصف والعمليات الجوية والاعتداءات الإسرائيلية المتزايدة على كافة المستويات تؤكد أن لبنان في وسط حرب شاملة.
وبرغم تأكيدات المحلل العسكري بأن ما يحدث في لبنان بين الجماعة الموالية لإيران وجيش الاحتلال هو حرب شاملة، فإنه يستبعد أن تتدخل أي أطراف أخرى في المعركة، خصوصا وأن إيران أبدت رغبة في عدم انخراطها في الحرب بشكل مباشر، مستدلاً على ذلك بعدم تنفيذ طهران لهجومها الانتقامي على إسرائيل، ثأرًا لمقتل رئيس حركة حماس السابق إسماعيل هنية على أراضيها.
هل سيشهد لبنان عملية برية؟
منذ اندلعت الاشتباكات بين الطرفين عند الخط الأزرق في 8 أكتوبر الماضي، لوّح جيش الاحتلال الإسرائيلي مرارا بإمكانية تنفيذ اجتياح بري للبنان، حتى أنه أجرى عدة مناورات برية قرب الحدود الشمالية بمشاركة مقاتلات وقوات برية.
لكن مع التصعيد الأخير من الجانبين، صرح جيش الاحتلال الإسرائيلي على لسان رئيس أركانه هارتسي هاليفي، أمس الأربعاء، بأنه يستعد “لدخول أرض العدو”، في إشارة واضحة إلى لبنان، موضحا أن قواته تستعد لإجراء مناورة برية داخل لبنان واجتياح القرى التي تحولت إلى مراكز عسكرية كبيرة لحزب الله اللبناني، بحسب مزاعمه.
جاءت تصريحات هاليفي بعد غارات جوية كثيفة شنها سلاح الجو الإسرائيلي أمس الأربعاء، على مناطق متفرقة من لبنان.
وفي هذا الصدد، يرى العميد خالد حمادة، أن القوة الجوية لجيش الاحتلال الإسرائيلي تغنيه عن تنفيذ أي عمليات برية في لبنان، خاصة في ظل غياب الدفاعات الجوية اللبنانية والتي جعلت من أجوائه “سماء مفتوحة أمام المقاتلات الإسرائيلية”، وهو ما يتيح لإسرائيل قصف أي مكان تريده، معربا عن عدم اعتقاده بأن يشهد لبنان توغلًا بريًا على الأقل خلال الأسابيع المقبلة.
هل تستطيع إسرائيل فتح جبهتي حرب؟
بعد الإعلان عن جبهة “الإسناد” إثر العدوان على غزة، أُطلقت بعد ذلك الصواريخ والقذائف بشكل متبادل ومحدود من قبل الشمال الإسرائيلي والجنوب اللبناني، لكن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين ظلت تتحدث عن إيثار عدم تصعيد الوضع مع لبنان وحل الأزمة عن طريق الحوار.
لكن في الأشهر الأخيرة، شهدت الضربات الموجهة من جنوب لبنان حدة في العدد وقوة التأثير كذلك شهد الأخير ردًا بتنفيذ اغتيالات طالت قادة كبار على رأسهم فؤاد شكر القيادي البارز في الحزب ثم تلا ذلك تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن توسيع العملية العسكرية على الجبهة الشمالية، وهو ما تلاه انفجار أجهزة الاتصال اللاسلكية ثم الهجوم الأخير، في تصعيد يعكس استعداد إسرائيل لجبهة جديدة.
في هذا الشأن يقول خالد حمادة، إن الجبهة في قطاع غزة لم تعد جبهة اشتباك بالمعنى الحقيقي وإنما مجرد جبهة عمليات قتالية في ظل انخفاض الاشتباكات بين المقاومة والاحتلال وانحسارها في عمليات قوية تنفذها المقاومة بعض الأحيان وأخرى جزئية ينفذها الجيش الإسرائيلي بعد أن دمر أكثر من 80% من مساحة قطاع غزة.
وعن الوضع في الجنوب اللبناني، ذكر العميد خالد أنه لا توجد جبهة قتال حقيقية، قائلًا إن الجنوب اللبناني لا يوجد به سوى بعض المسيرات وأسراب من الطائرات وبعض كتائب من مدفعية حزب الله الذين تم الدفع بهم إلى الميداني إضافة لبعض الجهد المخابراتي والإلكتروني وهو الأمر الذي لا يرهق الجيوش بحسب تعبيره قائلا إن القول إنه يوجد جبهتي قتال هي مقاربة ليست حقيقية.
ويُذكر أن الجيش الإسرائيلي، كان قد أعلن عن سحب اللواء 98 من قطاع غزة ودفعت به تجاه الحدود مع لبنان، وهو أحد أهم اللواءات في إسرائيل بحسب تصريحات العميد خالد لـ “مصراوي”، وهو ما اعتبره إشارة على أن الوضع في غزة بات سيطرة إسرائيل.
هل تستطيع إسرائيل القضاء على جميع قدرات حزب الله العسكرية؟
منذ بدأ الطيران الحربي الإسرائيلي، توالت تصريحات مسؤولي الدولة العبرية عن شن هجمات ضد مئات من مراكز الحزب اللبناني واغتيال عدد كبير من قادته آخرهم القيادي عباس إبراهيم شرف الدين وسبقه رئيس المنظومة الصاروخية، ما يظهر تمكن تل أبيب من تحقيق اختراقًا كبيرًا في صفوف قادة الحزب وإيقاع خسائر به لكن حجم تلك الخسائر لم تتضح بعد.
وعن إمكانية القضاء على جميع قدرات الحزب، يقول العميد خالد إنه لا يوجد في الوقت الحالي أي قدرة لمعرفة ما تبقى من منظومات حزب الله الجديدة والقادر على استخدامها سواء من سوريا أو من مكان آخر، لافتا في الوقت ذاته إلى ضرورة الأخذ بالاعتبار التصريحات الإيرانية الداعية للتفاوض مع الولايات المتحدة عن طريق الحوار، والتي برزت بتصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال تواجده في قمة نيويورك أن طهران مستعدة لإلقاء السلاح إذا ألقت إسرائيل السلاح.
كذلك أكد في الوقت نفسه، أن أي تعزيزات عسكرية إَضافية لحزب الله مرهونة بقبول طهران والتي لا ترغب بأي تصعيد عسكري في الوقت الحالي لا مع إسرائيل ولا الولايات المتحدة، قائلا إن إيران تتلمس قبول الولايات المتحدة لكي تكون جزءًا من خارطة النفوذ في المنطقة ودليل ذلك أنها لم تثأر لمقتل إسماعيل هنية على أراضيها ولم تثأر لتدمير قنصليتها على رأس دبلوماسييها في سوريا.
وأضاف العميد خالد حمادة، أن الأيام القادمة ستقدم أكثر من دليل على ميزان القوى المتبقي وما إذا كان هناك مسار دبلوماسي سينشأ إلى جانب تلك العمليات وإلا فإن تلك العمليات ستظل مستمرة.