كتب- محمد صفوت:
تثير الحرب الدائرة في غزة قضايا سياسية وقانونية خطيرة للولايات المتحدة، أكبر داعم لإسرائيل في العالم.
حيث تمنع القوانين الأمريكية تقديم الدعم العسكري والاستخباراتي الذي يمكن استخدامه لانتهاك قوانين الحرب، وفي الحرب الحالية تخاطر واشنطن بدعم إسرائيل بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية التي يمكن استخدامها لارتكاب جرائم حرب.
يقول موقع “فورين أفيرز” في تحليل، لبريان فينوكين وهو مستشار أول في البرنامج الأمريكي في مجموعة الأزمات الدولية، إنه على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزارة الخارجية على وجه الخصوص اتخاذ خطوات ملموسة لمراقبة كيفية استخدام إسرائيل للأسلحة الأمريكية ومنع إساءة استخدامها.
وأشار الموقع الأمريكي، إلى أنه حتى لو التزمت إسرائيل بقوانين الحرب، فإن الأسلحة الأمريكية لن تجلب سوى الدمار وربما يحدث تصعيدًا يؤدي لحرب إقليمية، موضحًا أن على واشنطن احتواء الموقف والبحث عن طريقة للخروج من الصراع.
القانون الإنساني الدولي
يوضح “فورين أفيرز” أن القانون الإنساني الدولي الذي وافقت عليه الدول، يعتمد على الموازنة بين اعتبارات الضرورة العسكرية والإنسانية ويضع حدودًا لما يمكن لأطراف النزاع المسلح أن تفعله وما لا يمكنها فعله.
ويحظر القانون الإنساني الدولي، استهداف المدنيين والمستشفيات وسيارات الإسعاف والمدارس وأماكن العبادة.
كما يحظر الهجمات التي من المتوقع أن تسبب أضرارًا للمدنيين تكون مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة التي من المتوقع أن يحققها الهجوم.
ويرى “فورين أفيرز” أن التحدي حول ما إذا كانت الحرب في غزة انتهكت قوانين الحرب، يجب أن يتم تقييم كل حالة على حدة للإجابة على هذا السؤال وقد يتطلب الأمر معلومات سرية لمعرفة ما إذا كان الهدف هدفًا عسكريًا مشروعًا أو ما إذا كان الضرر اللاحق بالمدنيين مفرطًا.
ويشير إلى أن مقتل المدنيين وتدمير البنى التحتية في غزة، لا يعني بالضرورة أن إسرائيل انتهكت قوانين الحرب بهذه الأفعال وفقًا للمعطيات السابقة.
يوضح الموقع، أن الطريقة التي شنت بها الحرب على غزة، تثير تساؤلات عدة من بينها اختيار إسرائيل للأهداف، لافتًا إلى أن إسرائيل أسقطت 6 آلاف قنبلة في الأيام الستة الأولى من الحرب، وهو أكثر مما أسقطه التحالف الدولي لمحاربة داعش في أي الشهور حتى في ذروة الحرب ضد داعش.
وتثير الضربات الإسرائيلية تساؤلات حول ما إذا كانت الأهداف نفسها أهدافًا عسكرية مشروعة، مثل الأهداف الإسرائيلية المستهدفة، كما يدعو إلى التساؤل حول كيفية تقييم إسرائيل ما إذا كان الضرر الذي يلحق بالمدنيين مفرطاً مقارنة بالميزة العسكرية المتوقعة من الهجمات الفردية.
وأشار الموقع، إلى تصريحات المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأيام الأولى للحرب، ردًا على سؤال حول سقوط ضحايا مدنيين،قال إن الغارات تتركز على تحقيق الضرر وليس الدقة، مشيرًا إلى أن تل أبيب حذرت المدنيين وطالبتهم بالنزوح جنوبًا.
الجنائية الدولية تسعى للتحقيق في جرائم حرب
ومن الممكن أن تؤدي المخاوف بشأن جرائم الحرب المحتملة إلى تدخل المحكمة الجنائية الدولية، التي أكدت اختصاصها القضائي على الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك أثناء الصراع الدائر.
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، قال في تصريحات لشبكة CNN، إن أي شخص يستهدف البنية التحتية المدنية في الصراع بين إسرائيل وغزة سيحتاج إلى “تبرير كل ضربة”.
يرى الموقع، أن توجيه اتهامات من الجنائية الدولية لإسرائيل سيقابله عاصفة سياسية في الولايات المتحدة، لكن تجاهل توجيه اتهامات لتل أبيب سيواجه ردود فعل سلبية من الدول التي تدين بالفعل ما تعتبره معايير مزدوجة في الطريقة التي تتعامل بها المحكمة
ويوضح الموقع، أن واشنطن تقع عليها أعباء قانونية وسياسية محلية ودولية، بسبب دعمها العسكري والاستخباراتي لإسرائيل، ويشير إلى أن أحد هذه الاعتبارات يقع على عاتق وزارة الخارجية لدورها في الإشراف على عمليات نقل الأسلحة والمساعدات العسكرية.
ويحدد قانون مراقبة تصدير الأسلحة، وهو الإطار القانوني لعمليات نقل الأسلحة الأمريكية، الأغراض الحصرية التي قد يتم من أجلها توفير الأسلحة الأمريكية إلى دولة أخرى، والغرض ذو الصلة هنا هو “الدفاع عن النفس” لكن استخدام إسرائيل سابقًا للقنابل العنقودية في لبنان أثارت تساؤلات حول ما إذا كانت تشكل هذه الأسلحة للدفاع عن النفس أم لا.
قانون “ليهي”
ويحظر ما يسمى بقانون “ليهي” تقديم المساعدة العسكرية لقوات أجنبية إذا كان لدى وزير الخارجية الأمريكي معلومات موثوقة تفيد بأنها ارتكبت “انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان”.
وكانت إدارة بايدن، حدثت في فبراير 2022، سياسية نقل الأسلحة التقليدية، لحظر نقل الأسلحة إذا كان من المرجح استخدامها في الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي أو قانون حقوق الإنسان.
يشير الموقع، إلى أنه قبل الحرب، أصدرت وزارة الخارجية توجيهات إلى السفارات في جميع أنحاء العالم والتي بموجبها سيقوم المسؤولون بالتحقيق في تقارير عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين تتعلق بالأسلحة الأمريكية من قبل الحكومات الشريكة والتوصية باتخاذ إجراءات يمكن أن تشمل تعليق مبيعات الأسلحة.
يهدف هذا التوجيه إلى تدوين عملية مخصصة سابقًا لرصد الأضرار التي لحقت بالمدنيين، وقد تم إصداره بعد روايات عديدة عن القنابل الأمريكية التي أسقطتها المملكة العربية السعودية مما أسفر عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين اليمنيين.
اعتمادًا على طبيعة الدعم الذي يقومون بتسهيله وطريقة استخدامه، قد يواجه المسؤولون الأمريكيون مشكلات قانونية إضافية، حيث يحظر على موظفي الحكومة الأمريكية، بموجب أمر تنفيذي، الانخراط في عملية اغتيال أو التآمر للانخراط فيها، وهو الأمر الذي فسره محامو السلطة التنفيذية الأمريكية على أنه يشمل عمليات القتل في نزاع مسلح ينتهك قانون الحرب. ويمكن أن يدخل حظر الاغتيال حيز التنفيذ إذا، قامت الولايات المتحدة بمشاركة معلومات استخباراتية قابلة للتنفيذ مع العلم أنها ستستخدم لاستهداف مدني.
أشار الموقع، أيضًا إلى استقالة مسؤول في الخارجية الأمريكية في الأيام الأولى للحرب، احتجاجًا على استمرار الدعم العسكري لإسرائيل
كيف تضمن واشنطن عدم انتهاك إسرائيل للقوانين بأسلحتها؟
خلص التقرير إلى أنه بالنظر لتلك الأسباب، فإن على الحكومة الأمريكية خاصة وزارة الخارجية اتخاذ خطوات للتخفيف من خطر استخدام الدعم العسكري الأمريكي في انتهاك قوانين الحرب.
ويوضح أن ذلك عن طريق مراقبة السلوك الإسرائيلي في غزة، عن طريق تكثيف الرقابة على الحرب والامتثال للقوانين وربما يتطلب تدخل استخباراتي أمريكي أوسع، كما يتطلب الضغط على إسرائيل للحصول على معلومات مفصلة حول قراراتها بشأن الاستهداف في غزة.
ويتابع أن على وزارة الخارجية الأمريكية، الأخذ في الاعتبار التقييمات المتعلقة بالامتثال للقانون الإنساني الدولي في الحرب قبل الموافقة على نقل الأسلحة إلى إسرائيل.
ويشير إلى أنه سيكون من الخطأ التركيز فقط على تقييم وإنفاذ الامتثال لقانون الحرب فيما يتعلق باستخدام الأسلحة الأمريكية المنشأ في الحرب في غزة. ورغم أن مثل هذه التدابير ضرورية، فإنها ليست كافية إذا كان الهدف هو وضع حد للمجازر التي ترتكب.