11:46 م
السبت 28 ديسمبر 2024
بي بي سي
أبلغ مسؤول أوكراني بي بي سي أنهم يأملون بإتمام تبادل للسجناء مع روسيا خلال أي يوم من العام الجديد، على الرغم من أن الترتيبات لذلك قد تفشل في اللحظة الأخيرة.
وقال بيترو ياتسينكو، من مقر أوكرانيا المختص بمعاملة معتقلي الحرب، إن المفاوضات مع موسكو بشأن التبادل، أصبحت أكثر صعوبة في الأشهر الأخيرة منذ بدأت القوات الروسية في تحقيق تقدم كبير على خط المواجهة.
وجرت 10 عمليات تبادل فقط في عام 2024، وهو أقل عدد منذ بدء الغزو الكامل.
ولا تنشر أوكرانيا أعداد أسرى الحرب المحتجزين لدى روسيا، لكن يُعتقد أن العدد الإجمالي يزيد عن ثمانية آلاف.
وحققت روسيا مكاسب كبيرة في ساحة المعركة هذا العام، مما أثار مخاوف من ارتفاع أعداد الأوكرانيين المحتجزين لديها.
يشار إلى أن أحد هؤلاء الذين أعيدوا إلى أوكرانيا في آخر عملية تبادل، في سبتمبر 2024، هو ضابط القوات البحرية الأوكراني أندريه توراس.
في شقة بمدينة لفيف الأوكرانية، يروي لي أندري وزوجته لينا التفاصيل المذهلة لمعاناتهما، إذ اعتقلا أثناء مشاركتهما في الدفاع عن مدينة ماريوبول في عام 2022.
وتقول لينا، وهي طبيبة في الجيش، عن محتجزيها الروس: ” “ألقوا محاضرات علينا لإقناعنا بعدم وجود أوكرانيا، وحاولوا القضاء على هويتنا الأوكرانية ومحوها من رؤوسنا”.
أُطلق سراح لينا بعد أسبوعين من اعتقالها، لكن ألمها النفسي بعد احتجازها في منشأة لمحتجزي الحرب الروسية مستمر، تقول: “كنا نسمع صراخاً باستمرار، وكنا نعلم أن الرجال [في وحدتنا] يتعرضون للتعذيب”.
يقول أندريه الجندي في البحرية: “ضربونا بلا هوادة، بقبضاتهم وعصيهم ومطارقهم، وأي شيء يمكنهم العثور عليه، جردونا من ملابسنا في البرد وأجبرونا على الزحف على الأسفلت، أصيبت أرجلنا بجراح بالغة، وتركونا في حالة من الرعب والبرد”.
وأضاف “كان الطعام مروعاً – ملفوف حامض ورؤوس سمك فاسدة. إنه كابوس حقيقي”، مشبهاً الأمر “بالاستيقاظ من كابوس في منتصف الليل، غارقاً في العرق، ومذعوراً”.
استمر سجن أندريه لفترة أطول كثيراً من سجن زوجته، حيث بقي في الحجز عامين ونصف.
وبعد إطلاق سراحه في صفقة تبادل السجناء قبل ثلاثة أشهر، التقى أندريه بابنه ليون البالغ من العمر عامين لأول مرة، وعندما اعتقلت القوات الروسية الزوجين، لم تكن لينا تعلم أنها حامل، “عندما اكتشفت أنني حامل، بكيت، أولاً من الفرح، ثم من الحزن، لأنني لم أستطع إخبار زوجي”.
قالت لينا والدموع تملأ عينيها “كنت أكتب له الرسائل باستمرار، أخبره فيها أنه سوف يرزق أخيراً بالطفل الذي أراده منذ مدة طويلة، لكنه لم يتلق أي رسالة”.
سألت أندريه عن شعوره عندما التقى بابنه لأول مرة، فقال مبتسماً “اعتقدت أنني أسعد شخص في العالم”.
وبينما لا تستطيع بي بي سي التحقق بشكل مستقل من كل ما أخبرنا به لينا وأندريه، فإن روايتهما معززة من قبل المنظمات الدولية التي أجرت مقابلات مع مئات من معتقلي الحرب الأوكرانيين.
وتقول الأمم المتحدة إن روسيا تعرض السجناء الأوكرانيين “للتعذيب وسوء المعاملة على نطاق واسع ومنهجي.. بما في ذلك الضرب المبرح والصدمات الكهربائية والعنف الجنسي والاختناق ووضعيات الإجهاد لفترات طويلة والتمارين الرياضية المفرطة القسرية والحرمان من النوم والإعدام الوهمي والتهديد بالعنف والإذلال”.
وفي بيان أُرسل لبي بي سي، قالت السفارة الروسية في لندن “إن الادعاءات الموصوفة كاذبة بشكل واضح، يتم التعامل مع المتشددين الأوكرانيين المعتقلين بإنسانية وبما يتفق تماماً مع القانون الروسي واتفاقية جنيف، وتزويدهم بطعام جيد ومأوى ومساعدة طبية وتغذية دينية وفكرية”.
ويخضع أندريه لإعادة التأهيل في منشأة طبية في لفيف، ولكن لا يزال لديه الوقت للاستمتاع بالعطلات مع زوجته وابنه، إنه أول كريسماس لعائلتهم معاً، وأفضل هدية للصغير ليون كانت عودة والده إلى المنزل.
لكن العديد من الأوكرانيين ما زالوا ينتظرون بشدة أخباراً عن أحبائهم، في وسط كييف، يتجمع الأقارب والناشطون في مظاهرة الكريسماس الخاصة بالمطالبة بالإفراج عن السجناء الأوكرانيين.
يقفون لساعات في البرد القارس، ويصطفون على طول شارع رئيسي في العاصمة، بينما يطلق سائقو السيارات المارة أبواق سياراتهم إعراباً عن التضامن.
تقول تيتيانا، التي ألقي القبض على ابنها البالغ من العمر 24 عاماً أرتيم منذ ما يقرب من ثلاث سنوات: “نأمل في حدوث معجزة عيد الميلاد.. إن إطلاق سراح ابني هو أكبر أمنياتي، تخيلت اجتماعنا 100 مرة، عندما نعانق بعضنا البعض، وترى عيناه أخيراً أرض بلاده”.
كما شاركت في الاحتجاج ليليا إيفاششيك، وهي راقصة باليه في مسرح كييف الوطني تبلغ من العمر 29 عاماً، وهي تحمل لافتة حمراء، اعتقلت القوات الروسية حبيبها بوهدان في عام 2022، ولم تتمكن من الاتصال به منذ ذلك الحين.
تقول ليليا “أستطيع القول إنه من الصعب علي أن أكون وحدي، لكنني لا أريد قول ذلك، لأنني أفكر دائماً في حاله هناك”.
وراء الكواليس في المسرح، تكشف لنا ليليا عن الرسائل التي لا تزال ترسلها إلى بوهدان كل يوم تقريباً – مع صور قلوب صغيرة، تقول، وشفتها السفلية ترتجف “أفتقده كثيراً.. يحتاج إلى الإنقاذ واستعادة حريته”.
تدعونا ليليا لمشاهدتها وهي تؤدي عرضاً خاصاً في يوم الكريسماس – رقصة من الرقصات المفضلة في أوكرانيا: “رقصة الفالس على نهر الدانوب الأزرق ليوهان شتراوس، التي كتبت في عام 1866 لرفع معنويات الجمهور النمساوي بعد الحرب”، كان المسرح مكتظاً بالجمهور.
تقول ليليا وهي تستعد للصعود على المسرح: “عطلة عيد الميلاد هي فترة مؤلمة.. لا يوجد مزاج للاحتفال حقاً”.
ومع انتهاء العرض، يتوجه رواد المسرح لجمع معاطفهم، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من الحرب، لدى كل شخص تقريباً هنا قريب أو عزيز يقاتل في الخطوط الأمامية، أو في الأسر، أو قُتل في المعركة.
تقول ليليا “يواجه الكثير من الناس في أوكرانيا مواقف صعبة.. نحن ننتظر الوقت الذي سنتمكن فيه من الاحتفال معاً مرة أخرى، يجب أن نتذكر شُكر جيشنا على حقيقة أننا نحتفل بأي عطلة على الإطلاق”.