11:34 م
الثلاثاء 04 يونيو 2024
بي بي سي
نقلت وكالة رويترز للأنباء ما قالت إنه “تسريبات من اجتماع برلماني مغلق”، تفيد بأن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار إلى إمكانية الشروع في المرحلة الأولى من الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة، لكنْ دون ضرورة للالتزام باتفاق بشأن المرحلتين التاليتين.
ولم يؤكّد مسؤولون إسرائيليون هذه التسريبات بشكل مباشر، لكنها تشير إلى احتمالية دخول إسرائيل في هدنة مبدئية رغم استبعاد حكومة نتنياهو وضْع نهاية للحرب في غزة على نحو ما تطالب به حركة حماس.
ويتوافق ذلك مع تصريحات أدلى بها كبير مستشاري نتنياهو للسياسة الخارجية، أوفير فولك، لصحيفة صنداي تايمز، وصف فيها الخطة الأمريكية بأنها “صفقة وافقنا عليها.. ورغم أنها ليست اتفاقا جيدا لكننا نريد بشدة إطلاق سراح جميع الأسرى .. وثمة تفاصيل كثيرة يتعين العمل عليها”.
وقالت حماس إنها تنظر بشكل إيجابي إلى الخطة الأمريكية، وقد سبق للحركة الفلسطينية أنْ قبلت بشروط مشابهة، لكن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو لم يعلن بعدُ موافقته رسمياً على الخطة.
وتشتمل الخطة الأمريكية (خريطة الطريق) باختصار على ثلاث مراحل: الأولى ستبدأ بوقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع، وبانسحاب القوات الإسرائيلية من كل المناطق المأهولة في غزة، والإفراج عن عدد من الأسرى (لا سيما النساء والعجائز والجرحى) لدى حماس، في مقابل إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين.
وتتضمن المرحلة الثانية انسحاب الجنود الإسرائيليين بشكل كامل من قطاع غزة، في مقابل أن تطلق حماس سراح جميع الأسرى الأحياء الباقين لديها، بمن فيهم الجنود، وسيتم الانتقال بوقف إطلاق النار ليكون “وقفا دائماً للأعمال العدائية”.
أما المرحلة الثالثة من الخطة فتشمل إطلاق عملية إعادة إعمار لقطاع غزة ودعم استقرار القطاع من جانب الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
“نتنياهو في ورطة استراتيجية”
وفي حديث لبي بي سي، نوّه أستاذ العلاقات الدولية بجامعة لندن، فواز جرجس، إلى أن “مقترَح بايدن يعتمد بالأساس على الرؤية الإسرائيلية لإنهاء الحرب في غزة، وقد طرح الرئيس الأمريكي هذا المقترح على أنه إسرائيلي وليس أمريكياً”.
ويرى فواز جرجس في قبول نتنياهو المرحلة الأولى من الخطة دون الاتفاق على معظم التفاصيل “نوعا من الاحتيال على المقترح؛ لأنه لا يريد القبول بإنهاء هذه الحرب.. ومما لا شك فيه أن نتنياهو في ورطة استراتيجية بعد أن فشل في تحقيق أي من أهدافه المعلنة في غزة”.
وقال جرجس إن “نتنياهو وجد نفسه بين المطرقة والسندان؛ مطرقة الضغوط من جانب القيادة الأمريكية التي تريد بالفعل إنهاء الحرب، وأيضا من جانب عوائل الأسرى الإسرائيليين الذين يريدون استعادة أحبائهم، فضلا عن النخبة الأمنية في إسرائيل التي تريد هذه الصفقة؛ وفي المقابل هناك حلفاء نتنياهو في اليمين المتطرف يهددون بإسقاط الحكومة”.
وأضاف أن “قبول حركة حماس لهذا المقترح سوف يضع نتنياهو على المحكّ”.
لكن نتنياهو قال يوم السبت الماضي (صبيحة إعلان بايدن تفاصيل الخطة)، إن “شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتغيير: وهي تدمير قوة حماس العسكرية وسلطاتها كحكومة، وتحرير كل الأسرى، وضمان ألا تشكل غزة في المستقبل أي تهديد على إسرائيل”.
وأضاف نتنياهو أن “فكرة قبول إسرائيل بوقف دائم لإطلاق النار قبل تحقق هذه الشروط، غير واردة”.
لكن عضو حزب الليكود الإسرائيلي أيوب القرا، في حديثه لبي بي سي عربي، يتوقع أن “نتنياهو سوف يقول نعم للصفقة، وسيشرع في تنفيذها، ولكن المشكلة هي في حماس ونواياها بشأن السلام وحل الدولتين”.
“بدون قمع حماس لن يكون هناك هدوء في المنطقة”
وزعم القرا، في حديثه لبي بي سي: “موقف نتنياهو نابع من نظرته الشاملة للمنطقة، وغير منحصر على أهداف الحرب في غزة…، نتنياهو يعرف أن قرار حماس ليس بيد الوسطاء، وإنما بيد إيران التي لن تقبل بوقف إطلاق النار لأن أهدافها غير أهداف الوسطاء”.
وقال القرا إن “إيران تحلم بتكوين إمبراطورية في المنطقة، بخلاف أمريكا وأوروبا والعالم المتحضر البعيد عن واقع هذه المنطقة من العالم”.
وذهب النائب الإسرائيلي إلى القول إن “نتنياهو لم يُرِد هذه الحرب ولم يذهب إليها، ولم يفكر بها، ولكنه أراد التعاون مع غزة”.
وقال القرا “بدون قمع حماس لن يكون هناك هدوء في المنطقة…، الحرب مع إيران ستوقف الحرب في غزة، أما أن تنتهي الحرب في غزة عبر الوسطاء فهذا صعب”.
وفي المقابل، يرى السياسي الأمريكي المخضرم، والزميل في مركز كارنيجي، آرون ديفيد ميلر، أن “نتنياهو يأمل أن تخرّب حماس هذه الصفقة، أو أن تواجه الصفقة عراقيل على طريق تنفيذها فتنتهي بالفشل”.
وأكد ميلر، عبر تغريدة نشرها على موقع إكس، أن خطة بايدن “في جوهرها، تستهدف تمهيد الطريق لمستقبل ليس فيه أيّ من حماس أو نتنياهو.. وهذان خياران ليسا سهلين”.
ويرى المفاوض الإسرائيلي السابق مع الفلسطينيين، دانيال ليفي في حوار مع موقع “ديموكراسي ناو”، أن الرئيس الأمريكي بايدن ربما يكون بصدد توظيف سياسة ما يُسمى بـ “الغموض البنّاء” حيال موقف إسرائيل، وذلك من أجل تقريب الطرفين من التوصل إلى اتفاق.
ويضيف ليفي -الذي يرأس مشروع مركز أبحاث الشرق الأوسط الأمريكي- أن ما يخشاه هو أن “يحاول نتنياهو إفشال خطة الرئيس الأمريكي وإلقاء اللوم في ذلك على كاهل حماس، ولكن هل تقبل الإدارة الأمريكية بذلك؟”.
وفي هذا الإطار، يقول فواز جرجس: “حتى الآن يبدو أن الرئيس الأمريكي غير مستعد للضغط البنّاء والفعّال على نتنياهو، رغم إهانة الأخير لإدارة بايدن مِراراً وتهرّبه من المسؤولية بدون أي عواقب”.
ويستدرك أستاذ العلاقات الدولية قائلا: “أعتقد أن قدرة نتنياهو على التملّص والهروب إلى الأمام تتقلّص بدرجة كبيرة، وخاصة أن الجميع يريد منه اتخاذ القرار… نتنياهو الآن في عين العاصفة ولم يعُد بإمكانه أن يتخفّى، وهامش الحركة أمامه ينحسر بدرجة كبيرة حتى في ظل سياسة الغموض البنّاء التي يمكن أن تتيح أمامه فرصة للتحايل على تفاصيل هذا المقترَح”.
لكن الهدف الأكثر أهمية، من وجهة نظر دانيال ليفي، هو إنهاء “الفظائع” التي يشهدها قطاع غزة، على حد وصفه، عبر وقف دائم لإطلاق النار.
أوضاع إنسانية “مخيفة”
وفي هذه الأثناء، تدفع الولايات المتحدة بجهود دبلوماسية على مسارَين في غزة: فهي إذ تسعى إلى وقف الحرب عبر مقترح بهُدنة مدعوم من الرئيس بايدن، فإنها أيضا ستشارك في محادثات خلال الأيام القليلة المقبلة لإعادة فتح طريق أمام المساعدات لدخول قطاع غزة، وكلا المسارَين اللذين تسلكهما الولايات المتحدة مليئان بالعقبات، حسبما أفاد تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.
وعلى الأرض، قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن الأوضاع الإنسانية في غزة أصبحت “مخيفة”، في ظل نزوح نحو مليون إنسان من رفح.
وأوضحت الأونروا أن آلاف الأُسر اضطرت إلى اللجوء لأطلال منازل في مدينة خان يونس، شمالي مدينة رفح التي يعتقد أنها تؤوي نحو1.7 مليون إنسان.
ونوهت الأونروا إلى أن جميع مقرّاتها الـ 36 في رفح أصبحت خاوية على عروشها.
وقال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، إنه “لم يعد بإمكاننا عمل شيء يُذكر للناس في رفح، حيث الطرق غير آمنة والحركة مقيدة، فضلا عن أن معظم شركائنا والوكالات الإغاثية الأخرى اضطرت هي أيضا إلى النزوح”.