08:50 م
السبت 01 يوليه 2023
(دويتشه فيله)
جاء إحراق لاجئ عراقي في السويد للقرآن في عيد الأضحى ليلقي بالمزيد من الظلال على فرص انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي قد تعرقله تركيا خصوصا بعد تعهد أردوغان برد قوي.
أدى إحراق أحد المتظاهرين للقرآن في ستوكهولم هذا الأسبوع بالتزامن مع عيد الأضحى إلى تراجع آمال موافقة تركيا على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في قمة الحلف المقبلة في العاصمة الليتوانية فيلنيوس في 11 و12 يوليو. وتلك الآمال لم تكن كبيرة على أي حال.
وتعرقل تركيا والمجر عضوا الناتو، المصادقة على الطلب الذي وافق عليه جميع الأعضاء الآخرين في التحالف الدفاعي بقيادة الولايات المتحدة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأعضاء حزبه، العدالة والتنمية، بعد إحراق المصحف: “سنعلم الغربيين المتغطرسين أنه ليس من حرية التعبير إهانة القيم المقدسة للمسلمين”، متعهداً برد فعل قوي.
ولكن الرئيس التركي لم يلغ المحادثات مع السويد وفنلندا المقرر إجراؤها في 6 يوليو في مقر الناتو. وكان أردوغان قد قطع المفاوضات لشهور بعد حادثة مماثلة في يناير المنصرم. وفي حين أن الحصول على موافقة أنقرة وبودابست لا تزالا مسألة قابلة للأخذ والرد، يرى سفير أنقرة السابق في السويد، سليم كونيرالب، المتقاعد الآن، أن استجابة الحكومة التركية “الصامتة” تظهر تطوراً في التفكير.
وقال كونيرالب لـ DW: “أردوغان لم يستنتج أن حرق القرآن سيكون له تأثير طويل الأمد على العلاقات مع السويد”. ويعتقد السفير المتقاعد أن هذا يشير إلى تغيير في حسابات أردوغان المتأتية من المشاكل التي يتعرض لها حليفه فلاديمير بوتين. “قال أردوغان إن هذا أمر استفزازي ولن يستسلموا للاستفزاز، لذلك أعتقد أن الرسالة التي مفادها أن موسكو تستغل قضية حرق القرآن فهمت أخيراً من قبل السلطات التركية”.
الشرطة السويدية حاولت منع إحراق القرآن
تشمل الإجراءات الأخرى التي ربما تكون قد هدأت من حدة الغضب التركي هذه المرة أن السلطات السويدية سعت إلى حظر الاحتجاج، كما فعلت مع طلبين سابقين لحرق الكتاب المقدس للمسلمين، بدعوى مخاوف أمنية. لكن محكمة استئناف قضت قبل أسبوعين بأن الشرطة تصرفت بشكل غير صحيح في تلك الحالتين، مما أدى إلى منح الشرطة الإذن لمظاهرة الأربعاء. لكن بعد ذلك مباشرة، اتهمت الشرطة الرجل الذي نفذ العملية بـ “التحريض ضد جماعة عرقية أو قومية”.
ويرى بول ليفين، مدير معهد الدراسات التركية بجامعة ستوكهولم، أنه علينا الانتظار لنرى فيما إذا كانت تهمة الشرطة ستصمد من الناحية القضائية، مبرراً رأيه بأن القانون السويدي يعتبر تقليدياً أن حرق القرآن انتقاد للدين وليس تحريضاً على كراهية جماعة دينية.
“شعور بالضيق من هذه الأفعال”
وقال بول ليفين لـ DW إن الوضع يبقى صعباً وحرجاً للغاية على السلطات السويدية: “هناك الكثير من السويديين الذين لا يفهمون تماماً سبب السماح بهذه الأفعال. إنها قضية تتم مناقشتها الآن في السويد؛ وقد نوقشت من قبل. وبالمثل يشعر السويديون بالضيق من المسيرات السنوية التي تنظمها مجموعات النازيين الجدد”.
وأشار ليفين إلى أنه في حين أن الرأي العام الداعم لانضمام السويد للناتو لا يزال مرتفع بشكل كبير، غير أن 80 بالمئة من السويديين حسب آخر استطلاعات الرأي الأخيرة تعتقد أن الانضمام إلى حلف الناتو يتعين ألا يتم مقابل التضحية بمبادئ سيادة القانون وغيرها من القوانين المماثلة.
حتى أمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ، الذي هو من أكثر المتحمسين لضم السويد للحلف، قال إن مثل هذه المبادئ بحاجة إلى التمسك بها. وقال الخميس عندما سئل عما إذا كانت هذه الحادثة ستكون انتكاسة لجهود السويد بالانضمام للحلف: “لا أحب حوادث مثل حرق القرآن، لكنني أدافع عن الحق في الاختلاف. رسالتي لا تزال هي أن السويد أوفت بجميع التزاماتها، بما في ذلك الالتزامات التي اتفقت عليها السويد وتركيا وفنلندا في قمة الناتو في مدريد العام الماضي”.
الحل في عاصمة أخرى
يعتقد العديد من المحللين في هذه المرحلة أن إسقاط تركيا لحظرها من عدمه لا يتوقف في الواقع على السويد، التي أوفت بكل تعهداتها حسب ما تم الاتفاق عليه في مدريد، بل الأمر يتوقف على الولايات المتحدة، التي لا تزال ترفض بيع طائرات إف-16 لأنقرة.
وكان بايدن قد تحدث إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بعد إعادة انتخابه وأعرب أيضاً عن “رغبته القوية” في أن توافق تركيا على طلب ستوكهولم للانضمام إلى الناتو “في أقرب وقت ممكن”.
وفي الماضي، أكدت الحكومة الأمريكية مراراً دعمها لخطط إردوغان لتحديث أسطول الطائرات المقاتلة من طرا إف-16. وفي الوقت نفسه، أكد بايدن بانتظام أن هذا لم يكن مقايضة لدعم إردوغان لتوسيع الناتو. لكن بايدن أعطى الانطباع في اتصال التهنئة، بأن هاتين القضيتين تتعلقان ببعضهما. وقال بايدن: “لقد تحدثت مع إردوغان وهنأته. ولا يزال يريد العمل على حل لطائرات إف-16. قلت له إننا نريد اتفاقاً مع السويد. لذلك دعونا ننجز هذا”.
ولكن بعد مرور شهر، تبدو المسألة بعيدة عن الحسم. يقول سفير أنقرة السابق في السويد، سليم كونيرالب: “من الواضح أن هذه هي الورقة التي يريد أردوغان لعبها. ولم يتضح بعد ما إذا كان الأمريكيون مستعدون للعب اللعبة وما إذا كان الكونجرس سيوافق في النهاية على طلبه”.
ماذا عن ممانعة المجر؟
ووجهت مندوبة الولايات المتحدة في الناتو جوليان سميث مناشدة الخميس لتركيا: “إنها لحظة حرجة للغاية بالنسبة للحلف لإظهار الوحدة”.
وقالت لـ DW: “لقد أوضحنا أن أملنا هو أن يتم ذلك قبل القمة أو في أثنائها. في كل لقاءات المسؤولين الأمريكيين مع أصدقائنا الأتراك تكون هذه المسألة على سلم الأولويات”. وشددت على أن “الجميع. التزموا بإنجاز ذلك بطريقة أو بأخرى. قد نختلف في التوقيت، وما إذا كان بإمكاننا القيام بذلك في قمة الحلف في فيلنيوس أم لا. سنرى”.
هناك تعقيد آخر يعتبر عادةً ثانوياً، ولكنه بالتأكيد ليس بالأمر الهين. لم تصدق المجر حتى الآن على طلب السويد. وقالت الحكومة المجرية إنها “لن تكون الأخيرة” لكنها أشارت هذا الأسبوع فقط إلى أن برلمانها لن يطرح الأمر للتصويت قبل الخريف.
وقال رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، لدى وصوله لحضور قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم الجمعة، إن رئيس الوزراء فيكتور أوربان تعهد بأن “المجر لن تؤخر عملية التصديق السويدية بأي شكل من الأشكال”.