02:35 م
الثلاثاء 11 فبراير 2025
كتبت- أسماء البتاكوشي:
بعدما أعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، تأجيل تسليم الدفعة الجديدة من الأسرى الإسرائيليين، بسبب خرق الاحتلال الإسرائيلي اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيدعو لإلغاء الاتفاق، إذا لم تتم إعادة جميع الأسرى بحلول الساعة 12 ظهرا يوم السبت المقبل، زادت المخاوف من انهيار التهدئة والعودة إلى المواجهة العسكرية.
وكان أبو عبيدة، قد أعلن تأجيل تسليم الأسرى المفرج عنهم السبت حتى إشعار آخر، وذلك بسبب انتهاكات العدو وعدم التزامه ببنود الاتفاق والتي من بينها تأخير عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، واستهدافهم بالقصف وإطلاق النار في مختلف مناطق القطاع، وعدم إدخال المواد الإغاثية بكافة أشكالها بحسب ما اتفق عليه، في حين نفذت المقاومة كل ما عليها من التزامات.
وبعد تصريح أبو عبيدة، خرج الرئيس الأمريكي، ليهدد حركة حماس، إذ قال “ستنفتح أبواب الجحيم” إن لم تتم إعادة الأسرى مؤكدا أن بوسع إسرائيل إلغاء الاتفاق، في إشارة إلى إمكانية استئناف حرب غزة، موضحًا أنه قد يتحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن اعتبار السبت “موعدًا نهائيًا”.
التصريحات التي وصفها دكتور علي الأعور خبير الشؤون الإسرائيلية خلال حديثه لـ”مصراوي” بأنها “استعراضية”، موجهة إلى الإعلام الأمريكي والدولي والإسرائيلي، محاولة لإظهار قدرته على اتخاذ قرارات حاسمة، موضحًا أن هذه التصريحات، لا تعدو كونها استهلاكًا إعلاميًا، وتكشف عدم إدراكه لطبيعة المجتمع الإسرائيلي أو لما يجري في غزة منذ 470 يومًا.
ترامب، الذي هدد بعودة جميع الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية بحلول السبت الساعة 12 ظهرًا، أطلق تصريحًا وصف بغير الواقعي، نظرًا لابتعاده عن المعطيات الميدانية. إذ يعيش الشارع الإسرائيلي حالة من الغضب والاحتقان، حيث تخرج عائلات الأسرى يوميًا في مظاهرات للمطالبة بعودة أبنائهم، وهو ما يتناقض مع افتراض ترامب بأن تصريحاته تعكس نبض الشارع الإسرائيلي، حسب الأعور.
علاوة على ذلك ناشدت عائلات الأسرى الإسرائيليين الوسطاء التدخل فورا للتوصل لحل فوري وفعال يعيد تنفيذ الاتفاق، وطالبت الحكومة بالامتناع عن أي إجراءات من شأنها أن تمس بتنفيذ الاتفاق، إذ قالت والدة أسير إسرائيلي في غزة إن تأجيل حماس تسليم الأسرى ناتج عن سلوك نتنياهو غير المسؤول، محذرًا من أنه إذا لم يرسل نتنياهو وفدا مفوضا لإنجاز المرحلة الثانية فإنه يحكم على الأسرى بالموت.
فيما يرى مسؤول إسرائيلي أن موقف حماس بتأجيل الإفراج عن الأسرى قد يكون ردا على خطة ترامب للاستيلاء على غزة، كما أنه إشارة على أن الحركة تشك في أن نتنياهو لن يعقد مفاوضات جادة بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، حسب ما أورده موقع أكسيوس الأمريكي.
وفي ظل التصعيد المتبادل، كثرت التساؤلات حول جدية ترامب في تهديداته، ويجيب خبير الشؤون الإسرائيلية علي الأعور عن هذا التساؤل، إذ يعتبر أنه، على الرغم من حدة خطاب ترامب، فقد حرص الرئيس الأمريكي على إبقاء “خط رجعة” لنفسه، مشيرًا إلى أنه سيجري مشاورات مع نتنياهو قبل اتخاذ أي خطوة نهائية، ما يفتح الباب أمام احتمالية استمرار الأزمة لما بعد السبت، وإطلاقه لهذا التهديد قبل أربعة أيام من الموعد المحدد يعكس إدراكه لاحتمال عدم تنفيذ وعيده.
ويرى علي الأعور، أنه من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة حلحلة في الأزمة، حيث إن 4 أيام تعد فترة كافية لإتمام التفاهمات، ما قد يؤدي إلى تنفيذ الصفقة كما هو مخطط، عبر الإفراج عن 3 أسرى إسرائيليين يوم السبت، وفقًا للاتفاق القائم، نظرًا لأن حماس أكدت التزامها الكامل بالاتفاق، وهو ما أعلنه أبو عبيدة، الذي شدد على أن لا خطر يهدد حياة أسرى الاحتلال، لكن موقف الحركة جاء بسبب الخروقات المستمرة.
وفي ظل هذه التطورات، يتضح أن ترامب لم يدرك طبيعة العلاقات الإقليمية والدولية، فبعد أن كانت الولايات المتحدة ضامنًا لهذه الصفقة، يظهر الآن انحيازًا كاملًا لصالح إسرائيل، متحدثًا بلسان نتنياهو ومطلقًا تهديدات قد لا تجد طريقًا إلى التنفيذ، حسب ما أفاد به علي الأعور.
وعلى الرغم من خطاب ترامب التصعيدي، فإن الواقع على الأرض يؤكد أن المقاومة الفلسطينية لن تخضع لهذه التهديدات، وأن استمرار الحرب طوال 470 يومًا يكشف كلفة باهظة تكبدها الجيش الإسرائيلي، مع سقوط عدد كبير من الجنود والضباط، بينهم 20 قتيلًا خلال الأسبوع الأخير قبل توقيع الصفقة في معارك جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا.
وبناءً على المعطيات، يعتقد خبير الشؤون الإسرائيلية علي الأعور، أن السيناريو الأرجح هو استجابة إسرائيل لمطالب حماس بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية، مقابل استمرار الالتزام بالصفقة، ما يؤدي إلى الإفراج عن ثلاثة أسرى إسرائيليين أحياء يوم السبت المقبل، وفقًا للاتفاقية المبرمة.
وينص الاتفاق في المرحلة الأولى والتي تستمر لستة أسابيع تتضمن انسحابًا تدريجيًا للقوات الإسرائيلية من وسط غزة وعودة الفلسطينيين النازحين إلى شمال غزة، ودخول 600 شاحنة مساعدات إنسانية إلى غزة يوميًا أثناء وقف إطلاق النار، منها 50 شاحنة تحمل وقودًا، مع تخصيص 300 شاحنة للشمال حيث الظروف الإنسانية صعبة للغاية.
فيما من المتوقع أن تشمل مفاوضات المرحلة الثانية، إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين، بمن فيهم الجنود الإسرائيليون الذكور، ووقف إطلاق نار دائم، وانسحاب كامل للجنود الإسرائيليين، بينما الثالثة تتضمن إعادة جميع الجثامين المتبقية وبدء إعادة إعمار غزة بإشراف مصر وقطر والأمم المتحدة.