07:03 م
الجمعة 11 أكتوبر 2024
أسيوط ـ محمود عجمي:
في قرية نزلة باقور بمركز أبوتيج بمحافظة أسيوط، حيث يسود هدوء الريف المصري، كانت “نادية” الحامل في شهرها التاسع، تنتظر بفارغ الصبر لحظة لقاء مولودها؛ إذ كانت تتأهب لاستقبال حياة جديدة، حياة مليئة بالأحلام والآمال.. لكن القدر كان له شأن آخر، ففي يوم الثلاثاء الماضي، تحولت هذه الانتظارات إلى مأساة حقيقية.
في طريقها إلى المستشفى، استقلت نادية مركبة “التوك توك”، ذلك المركب المتواضع الذي يمثل وسيلة المواصلات الرئيسية في القرى، فلم تكن تعلم أن هذا التوك توك سيحملها في رحلتها الأخيرة، وسيشهد على فراقها عن الحياة قبل أن تحتضن مولودها.
حادث مروع هزّ القرية بأكملها، اصطدام عنيف بين التوك توك وسيارة نقل، أسفر عن انقلاب التوك توك ووفاة نادية في الحال، صدمة كبيرة هزت أسرتها وأصدقائها، فرحة الانتظار تحولت إلى حزن عميق، وأمل الحياة إلى يأس.
ولكن القدر، في بعض الأحيان، يكتب قصصًا غريبة، فبينما كانت نادية تغادر الحياة، كانت هناك حياة أخرى تستعد للبزوغ، عند وصول جسد نادية إلى مستشفي أبوتيج التخصصي، اكتشف الفريق الطبي نبضًا خفيفًا داخل بطنها، نبض ضعيف ولكنه ثابت، نبض أمل في وسط اليأس، وكأنه يقاوم مصير أمه.
لم يتردد الأطباء لحظة واحدة، فقرروا إجراء عملية قيصرية عاجلة لإنقاذ الجنين، كانت عملية محفوفة بالمخاطر، ولكنهم كانوا مصممين على إعطاء هذا الطفل فرصة للحياة. وبعد جهد كبير، تمكنوا من إخراج المولود الجديد، ووضعوه في حضانة الرعاية المركزة.
قال الدكتور هشام الشريف، مدير مستشفى أبوتيج التخصصي واستشاري النساء والتوليد، إنه أثناء تواجده في مكتبه، تلقى اتصالاً من قسم استقبال الطوارئ يفيد بوصول مصابين في حادث، بينهم سيدة متوفاة حامل في شهرها التاسع وفي حالة ولادة. على الفور، توجه الدكتور الشريف إلى قسم الطوارئ حيث كان الدكتور سامح أرميا، أخصائي النساء والتوليد، قد أجرى فحص السونار على السيدة واكتشف أن الجنين لا يزال على قيد الحياة.
وأكد الشريف، اتخذ الفريق الطبي قراراً سريعاً بإجراء عملية قيصرية لإنقاذ الجنين، وتم نقل السيدة إلى غرفة العمليات الصغرى الأقرب لقسم الاستقبال، نظراً لأهمية عامل الوقت في إنقاذ حياة الجنين. حضر العملية أطباء الجراحة والأطفال وطاقم التمريض.
وأضاف الدكتور الشريف، أن العملية استغرقت أقل من دقيقتين، حيث كان عامل السرعة حاسماً، بعد استخراج المولود، بدأ الفريق الطبي في إجراء الإنعاش الصناعي له، نظراً لتوقف قلبه بسبب نقص الأكسجين الناتج عن وفاة الأم، نجح أطباء الأطفال والعناية المركزة في إنعاش قلب المولود، وبدأ في الحركة، وتم تركيب أنبوبة أكسجين له ونقله إلى الحضانة.
وأشار الدكتور الشريف إلى أن إنقاذ مولود من رحم والدته بعد وفاتها يُعد من الحالات النادرة. وأوضح أن الجنين كان في خطر شديد بسبب نقص الأكسجين الناتج عن وفاة الأم، مما كان يعرضه للموت في أي لحظة. إلا أن عناية الله وسرعة التدخل الطبي ساعدتا في إنقاذ حياته.
وأوضح الدكتور ياسر شكري، نائب مدير مستشفى أبوتيج التخصصي، أن استخراج طفل حي من رحم أم متوفاة يُعد من الحالات النادرة، خاصةً في حالة الوفاة الناتجة عن حادث مروري؛ مؤكدًا أن عامل الوقت كان حاسمًا، حيث يتوقف الأكسجين عن الجنين بعد توقف قلب الأم.
وأشار إلى أن سرعة اتخاذ القرار كانت سببًا رئيسيًا، بعد عناية الله، في إنقاذ المولود، بالإضافة إلى يقظة الطاقم الطبي بالمستشفى فور وصول الحالة، وقد تواجد أطباء النساء والتوليد والأطفال والجراحة والعناية المركزة والتمريض على رأس الحالة، مما ساهم بشكل كبير في إنقاذ المولود.
وأفاد الدكتور ياسر هلال، مدير طوارئ مستشفى أبوتيج، أنه فور وصول الحالة إلى قسم الطوارئ، تبين أنها حامل في الشهر التاسع وكانت في طريقها إلى إحدى العيادات الخاصة للولادة، وتم إخطار الدكتور سامح إرميا، أخصائي النساء والتوليد بالمستشفى، الذي حضر بسرعة إلى قسم الطوارئ، وبعد فحص الحالة بجهاز السونار، تبين أن الجنين ينبض وعلى قيد الحياة، وقام الدكتور إرميا بإبلاغ الدكتور هشام الشريف، مدير المستشفى واستشاري النساء والتوليد، الذي اتخذ فورًا قرارًا بإجراء جراحة قيصرية لاستخراج المولود وإنقاذه.
وأوضح الدكتور مصطفى زناتي، أخصائي الجراحة العامة بالمستشفى، أنه فور اكتشاف جهاز السونار وجود نبض في الجنين، تم نقل السيدة بسرعة إلى غرفة العمليات الصغرى المجاورة لقسم الطوارئ، وأكد أن الوقت كان حاسمًا في إنقاذ الطفل، نظرًا لانقطاع الأكسجين عنه بعد توقف قلب أمه. في أقل من دقيقة، تم استخراج الطفل من رحم والدته، وتم التعامل مع الحالة كأي عملية قيصرية طبيعية، دون النظر إلى وفاة الأم، وتم خياطة الجرح بشكل طبيعي.
وأضاف الدكتور سامح إرميا، أخصائي النساء والتوليد بالمستشفى، بأنه كان يتابع الحالات في قسم النساء والتوليد عندما تم استدعاؤه إلى قسم الطوارئ فور وصول السيدة المتوفاة، التي كانت حاملًا في الشهر التاسع، وتوجه بسرعة إلى قسم الطوارئ وأجرى فحصًا بجهاز السونار، حيث تبين أن الجنين ينبض؛ مشيرًا تم الاتصال بالدكتور هشام، مدير المستشفى، الذي حضر على الفور واتخذ قرارًا حاسمًا بإجراء عملية قيصرية لإنقاذ المولود في غضون ثوانٍ، تم نقل السيدة إلى غرفة العمليات الصغرى وإجراء العملية القيصرية، بعد استخراج المولود، كان قلبه متوقفًا، فتم إجراء إنعاش قلبي له لعدة دقائق حتى عاد قلبه للعمل، ثم نُقل إلى الحضانة لاستكمال علاجه.
أوضحت الدكتورة منال شارف، نائب مدير مستشفى أبوتيج، أنه فور استخراج الطفل، كان قلبه متوقفًا. قام الأطباء بإجراء الإنعاش القلبي والرئوي، واستمرت عملية الإنعاش لعدة دقائق حتى عاد القلب للعمل، وتم نقل الطفل إلى وحدة الأطفال المبتسرين ووضعه على أجهزة التنفس الصناعي، وحالته الآن مستقرة، ومع ذلك، تسبب نقص الأكسجين أثناء وجوده في رحم والدته المتوفاة في تأثير على خلايا المخ، ويجري حاليًا التعامل معه في العناية المركزة لاستكمال العلاج.
قال أنور حسين، زوج السيدة نادية، إن زوجته كانت على وشك الولادة في الشهر التاسع من الحمل، وكانت في طريقها إلى المستشفى تستقل مركبة توك توك من قرية نزلة باقور وأثناء السير على طريق أسيوط – سوهاج الزراعي، حاول سائق التوك توك تفادي مطب صناعي وكان يسير في مساره الصحيح، عندما اصطدمت بهم سيارة نصف نقل من الخلف، مما أدى إلى انقلاب التوك توك ووفاة زوجته في الحال.
وتابع: وصلت سيارة الإسعاف ورجال الشرطة بعد تلقي بلاغ بالحادث، وتلقى أنور اتصالاً من زوجة شقيقه التي كانت ترافق زوجته، تخبره بوقوع الحادث وأن زوجته في حالة خطرة وفاقدة للوعي، لاحقًا، أخبره الأطباء بأنه تم قياس نبض الجنين وإجراء جراحة قيصرية عاجلة لاستخراجه ووضعه على الأكسجين الصناعي لتحسين حالته، وأكد أن زوجته كانت متوفاة قبل وصولها إلى المستشفى نتيجة الحادث.
وأشار أنور، إلى أن سيارة النقل كانت محملة بوزن 9 أطنان، وأن السائق كان شابًا يبلغ من العمر 21 عامًا، وأضاف أن سائق السيارة النقل حاول الهرب بعد التصادم، ولولا تدخل السيارات الأخرى لكان قد فر هاربًا.
اقرأ أيضا:
من رحم الألم يولد الأمل.. كيف انتهى حادث مروع بمعجزة طبية في أسيوط؟- صور