جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
المؤكد أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن سوف تغادر البيت الأبيض هذا الأسبوع بينما اللعنات تودعها في كل مكان.
ولماذا لا تودعها اللعنات وهي الإدارة التي لم تشأ أن تكتفي بإشعال العالم في كل اتجاه، وإنما كانت تصب الزيت على النار كلما بدا أن حرباً هناك توشك أن تتوقف، أو أن صرعاً هنا يحتاج منها الى أن تتحلى بالحد الأدنى من المسئولية تجاه العالم.
لقد فعلت ذلك بامتياز مع الحرب الروسية الأوكرانية، فكانت تؤججها كلما ظهرت علامات على أن الحرب يمكن أن تضع أوزارها، وكانت تتعامى عن كل دعوة روسية الى الوصول لتسوية، وكانت تهمس الى الأوكرانيين بألا ينصتوا الى دعوات كهذه، وكانت في سبيل ذلك تواصل مد أوكرانيا بالسلاح من كل صنف ونوع.
وقد وصل بها الأمر في آخر أيامها إلى حد أنها زودت الجيش الأوكراني بصواريخ تصل إلى العمق الروسي وتستهدفه!.. وهو قرار وصفه الرئيس ترمب الذي يتسلم السلطة هذا الأسبوع بأنه قرار يتصف بالحماقة أكثر من أي شيء آخر.
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبدي الكثير من الاستعداد للتسوية، وكانت إدارة بايدن في المقابل تبدي الكثير من التجاهل لما يبديه هو!
ولم يكن حظ الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة بأسعد من حظ الحرب في أوكرانيا لدى هذه الإدارة، بل كان حظ حرب غزة أسوأ بكثير، لأننا إذا قلنا أن الحرب الروسية الأوكرانية كانت بين روسيا وأوكرانيا، أو بالأدق بين روسيا وبين الغرب كله من وراء أوكرانيا، فإن الحرب في غزة كانت بين اسرائيل ووراءها الولايات المتحدة والغرب كله، وبين فلسطينيين عُزل في خيام النازحين، وفي المستشفيات، وفي أكوام الركام.
كانت هكذا ليس لأيام، ولا لأسابيع، ولا حتى لأشهر، وإنما لما يزيد على السنة الكاملة، وإذا شئنا الدقة قلنا أنها دامت ٤٦٧ يوماً.. وهذا طبعاً إذا صمدت الهدنة التي من المفترض أن تكون قد بدأت في الثامنة والنصف من صباح يوم ١٩ من هذا الشهر، وإذا لم تتعرض لخروقات كما حدث في جنوب لبنان مرات ومرات .
كل طفل قضى في هذه الحرب سوف يظل ذنبه معلقاً في رقبة بايدن وإدارته الى يوم القيامة، وكذلك كل امرأة ، وكل شيخ ، وكل مدني بريء لا علاقة له من قريب ولا من بعيد بطوفان الأقصى الذي قامت به كتائب عز الدين القسام في السابع من أكتوبر من السنة قبل الماضية .
لك أن تتصور أننا نتكلم عن بدء الحرب على أساس أنه كان في السنة قبل الماضية ، لا الماضية ، ولا بالطبع الحالية .
ولا أريد أن أضم الحرب في السودان الى الحرب الروسية الأوكرانية ، أو الحرب في غزة ، رغم أن عدد ضحاياها من السودانيين قريب جداً من عدد ضحايا الحرب في غزة .. وقد كان في إمكان ادارة بايدن أن توقفها في السودان ، لولا أن في استمرارها فائدة لمصانع السلاح في أمريكا ، ولولا أن في استمرارها فوائد أخرى لواشنطون بالتأكيد .
لا سامح الله بايدن ولا سامح فريق عمله الذي أجج القتال والصراع في كل أرجاء الكوكب ، والذي يغادر بينما تطارده اللعنات .. يغادر بينما أرواح ضحاياه تطلب عدالة السماء بعد أن عزّ عليها عدل أهل الأرض .