04:02 م
السبت 05 أكتوبر 2024
كتب – محمد شعبان:
حدائق الشيطان فكرة والفكرة لا تموت، رغم جهود الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية بالتنسيق مع القوات المسلحة لجفيف منابع المخدرات في شتى ربوع الجمهورية إلا أن عناصر الشر تراهن على خبراتها الإجرامية في مواجهتها الأبدية مع الشرطة ورغم ذلك النهاية واحدة وبطلها رجال الأمن صدقوا ما عاهدوا الله عليه فماذا حدث في صحراء الواحات البحرية؟.
على بعد 350 كم من العاصمة، تحتضن الواحات البحرية سكانها البسطاء وترحب بزائريها طوال العام، استقرار ينعكس على الحالة الأمنية فقلما يطرق أهلها باب قسم الشرطة وبرغم من ذلك عيون رجال المباحث ساهرة على أمن الوطن ووحدة وسلامة أراضيه وحماية الشباب من خطر المخدرات.
داخل مكتبه بالطابق العلوي الملحق بوحدة مباحث القسم، جلس العقيد محمد أبو زيد مفتش مباحث فرقة الواحات البحرية على مقعده الوثير يفحص أوراق إحدى القضايا، يقطع تركيزه بين الحين والآخر صوت جهاز اللاسلكي القابع أمامه الذي يصطحبه في جولة سريعة يطمئن فيها على انتظام الأكمنة والدوريات الثابتة والمتحركة تنفيذًا لتوجيهات اللواء سامح الحميلي مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة.
مع دخول المساء وعدم انتهاءه من القضية يرن جرس هاتفه فيسرع للرد -نظرًا لأن المُتصل معلوم لديه- معلومة بـ”مليون جنيه” منحها المتصل لـ”أبوزيد” ملخصها “ناس بتزرع بانجو في الصحراء”. كلمات تعد على أصابع اليد الواحدة بدأت معها رحلة بحث دقيقة للتأكد من كل حرف جاء على لسان المصدر السري.
اجتماع مغلق ضم مفتش الفرقة مع رئيس المباحث المقدم مصطفى فودة في حضور معاونه الرائد فريد هارون بحث خلالها خطة البحث التي أشرف عليها العميد محمد أمين رئيس مباحث قطاع أكتوبر. الخطة تركزت على مراقبة المنطقة المستهدفة بكل حيطة وحذر حتى لا يشعر بهم أحد فيذهب مجهودهم سُدى.
3 أيام بالتمام والكمال لم يذق فيها الضباط الثلاثة طعم النوم، عمل جاد في صمت وبأقل الإمكانات فالهدف تشكيل عصابي شديد الخطورة حولوا 4 أفدنة في صحراء قرية الحيز إلى مزرعة بانجو. ملف وافٍ وضعه مفتش مباحث الفرقة على مكتب اللواء محمد الشرقاوي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة الذي أشاد باحترافية فريق البحث موجهًا نائبه ومدير المباحث الجنائية اللواء هاني شعراوي بتقديم الدعم اللازم لمجموعة العمل.
داخل القسم قديم العهد الحركة بدت غير مألوفة، الكل على أهبة الاستعداد للانطلاق في مأمورية الموت، مراجعة أخيرة لعناصر الخطة تلاها قراءة الفاتحة لتخرج بعدها سيارات الشرطة معلنة ساعة الصفر. عنصر المفاجأة حسم الأمر، منذ اللحظة الأولى باغت ضباط الشرطة العناصر الإجرامية “اثبت مكانك.. المزرعة كلها محاصرة” كلمات قائد طاقم الشرطة بثت الرعب في قلوب العرباوية الأربعة فأعلنوا استسلامهم دون مقاومة تذكر أو تخرج رصاصاة من أسلحة أفراد المأمورية.
بالعودة إلى مديرية أمن الجيزة بطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، تحديدا مكتب “الشرقاوي” يتابع تطورات القضية عن كثب لحظة بلحظة حتى تلقف البشارة التي أثلجت صدره “مبروك يا فندم المأمورية نجحت من غير خسائر” ليتنفس المدير الصعداء.
المفاجأت توالت في صحراء الواحات، المتهمون أعدوا مصنعًا لتجفيف وتعبئة نبات البانجو المخدر، 4 أفدنة خضراء لكن نباتها سمُ قاتل يهدد عصب الأمة وأملها “الشباب”. عثر الضباط على 1500 كيلو بانجو وقطعتي سلاح آلي وكمية من الطلقات فضلان عن ميزان وأدوات التعبئة وتقدر قيمة حدائق الشيطان بـ150 مليون جنيه.
ساعات قليلة تحولت معها تلك البقعة إلى محط أنظار وزارة الداخلية عن بكرة أبيها، مأمورية الصفعة التي أحرقت حدائق الشيطان وصلت أخبارها إلى مكتب الوزير ومن بعده الإدارة العامة لمكافحة المخدرات حتى أن النيابة العامة أرسلت فريقًا لمعاينة مسرح الأحداث وأشرفت على إعدام المحصول كاملا ليعود أفراد المأمورية إلى القسم بصيد ثمين قد يكون الأكبر منذ فترة طويلة.