11:48 ص
الثلاثاء 14 نوفمبر 2023
كتب- نشأت علي:
أوصت لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، برئاسة الدكتور علي جمعة، رئيس اللجنة، بزيادة الحد الأدنى لمكافآت خطباء المساجد إلى 3000 جنيه في الشهر، استجابة لطلب الإحاطة المقدم من النائب أحمد عبد السلام قورة، عضو الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن.
وكان النائب أحمد قورة وجه انتقادات حادة إلى وزارة الأوقاف؛ من خلال استعراضه طلب الإحاطة في حضور ممثلي وزارة الأوقاف، حول موقف خطباء المكافأة وتراخي وزارة الأوقاف في إعادة هيكلة وتقنين أوضاعهم المادية.
وطالب قورة، خلال الاجتماع، بالتعاقد من فائض ريع الوقت مع جميع خطباء المكافأة الذين يصل عددهم إلى 90 ألف خطيب بمكافآت توازي الحد الأدنى الذي يطالب به الرئيس عبد الفتاح السيسي، أو التعيين حسب الدرجات المالية المتاحة.
وقال النائب إن خطباء المنابر تعرضوا إلى امتهان كبير وتجاهل من جانب وزارة الأوقاف على مدار السنوات العشر الماضية؛ حيث لا يتقاضون سوى 140 جنيهًا في الشهر، بواقع 35 جنيهًا للخطبة الواحدة، وبعضهم يتقاضى 400 جنيه شهريًّا و1000 جنيه شهريًّا، ويمثلون 50% وأكثر من عدد الخطباء.
وقال قورة: بداية مأساة هؤلاء الخطباء بدأت مع إعلان وزارة الأوقاف مسابقة لاختيار خطباء المكافأة؛ وهي المسابقة التي تقدم لها عدد كبير من الخطباء الذين خاضوا الاختبارات اللازمة للالتحاق بهذه الوظيفة، وتمت تلك الاختبارات تحت إشراف وزارة الأوقاف، وعن طريق كوكبة من كبار العلماء، وبعد أن اجتاز الخطباء تلك الاختبارات جرى تكليفهم باعتلاء المنابر منذ يوليو 2014، وخطبوا في الناس تحت إشراف مفتشي المتابعة، وحازوا قبول رواد المساجد، وسار الخطباء على خطة وزارة الأوقاف، ونفذوا سياساتها الهادفة لتجديد الخطاب الديني وأثبتوا جدارتهم في ذلك، ولم يختلف دورهم عن دور الأئمة المعينين.
وأضاف النائب: ومع ذلك فقد تنكرت الأوقاف لهذا الدور بمنحهم مقابلاً زهيداً لا يزيد على مبلغ وقدره 140 جنيهًا شهريًّا دون أن يكفل لهم الحق في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي أو غيرها من المزايا الاجتماعية التي يتمتع بها المكلفون بالخدمة العامة.
واتهم قورة وزارة الأوقاف بترك خطباء المكافأة نهبة لضيق الرزق، وعرضتهم للعوز، وهم العلماء الذين من المفترض أن يكونوا في مقدمة الصفوف؛ ولكن لم تراع الوزارة كونهم عائلين لأسر ويحتاجون إلى الدعم المستمر بما يعينهم على أداء المهمة المكلفين بها.
وأشار النائب إلى أنه مع النضال المستمر لهؤلاء الخطباء فقد اعترفت وزارة الأوقاف بتقصيرها وأبدت في عام 2016 استجابة قاصرة لبعض مطالبات هؤلاء الخطباء، تحت تأثير الضغط النيابي عن طريق المجلس ولجنة الشؤون الدينية؛ حيث تم التوصية والتوجيه بالتنسيق مع وزارة المالية والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لتوفير ثلاثة آلاف درجة مالية خاصة بخطباء المكافأة، وسيكون الإعلان خاصًّا بخطباء المكافأة فقط؛ وهو ما اشترطت معه وزارة الأوقاف ضرورة خضوع الخطباء المكلفين لمسابقة جديدة مع أنهم خطبوا طيلة العامين، وأفنوا أوقاتهم في سبيل النهوض بالمنابر، وهو الأمر الذي رآه الخطباء نوعًا من الالتفاف على مطالبهم بتحسين وتجويد حياتهم، وظهر من سياسة وزارة الأوقاف أنها ترغب في تصفية هؤلاء الخطباء، والدليل على ذلك أن المسابقة التي أعلنت عنها الوزارة لكل خريجي الأزهر، وهي المسابقة التي تقدم إليها قرابة الـ80 ألف خريج. بل ولجأت الوزارة كذلك إلى أسلوب الامتحان التحريري الذي حرصت على أن يكون مخالفًا لمعايير الاختبارات الوظيفية، فتعمدت إدراج نوعية من التساؤلات التعجيزية لأجل إظهار الخطباء أنهم جاهلون علميًّا، مع أنهم خطباء، أي دعاة، وليسوا علماء متخصصين من شيوخ المذاهب الذين يتعمقون في دراسة الفقه والعلوم الشرعية.
وقال قورة: إنه بعد هذه المهزلة فقد أبدى الخطباء اعتراضهم على تلك السياسة التي خطط لها الوزير وراح يروج في وسائل الإعلام عدم أحقية هؤلاء بأن ينالوا شرف الوقوف على المنبر، في الوقت الذي ترك فيه الكثير من المنابر تحت يد بعض أصحاب التيارات المتشددة والذين لا يزالون يعتلون المنابر إلى الآن وما يسكته عنهم أنهم لا يكبدونه مالًا، فالتفت إلى عدم تقاضيهم أموالًا ولم يلتفت إلى منهجية عملهم الدعوي الذي يخرج عن رقابة وتوجيه وإدارة وإشراف وزارته.
وتابع النائب: استمرت المسابقة من عام 2016 حتى عام 2021؛ لاختيار ثلاثة آلاف خطيب، واقتصر الأمر في النهاية على اختيار عدد قليل من الخطباء، وهو ما نفذت معه الوزارة سياستها، واستفادت بمزيد من الوقت ضيعته في المسابقات التي أنفقت عليها الملايين تحت بند المكافآت والمصروفات والنفقات الخاصة بالامتحانات، ولم يخلف كل هذا الضجيج طحين كما يُقال في الأمثال.
وأضاف قورة: استجار الخطباء مرة ثانية بمجلس النواب الذي بذل جهدًا حثيثًا في هذا الصدد عن طريق لجنة الشؤون الدينية، فاضطرت الوزارة تحت الضغوط الإعلان عن مسابقة تحت مسمى تحسين مستوى الأحوال المادية لرفع قيمة الراتب 300 جنيه شهريًّا، ثم تمت زيادتها إلى 400 جنيه شهريًّا.
وأكد النائب أحمد عبد السلام قورة أن هذه المسابقة لم تستجب إلا لمطالب 700 خطيب فقط ممن تم تعيينهم وفقًا لها، مع ترك البقية من آلاف الخطباء نهبة الفقر والعوز، واستمرت استغاثاتهم بالمجلس الموقر، والذي على إثر تدخله المستمر اضطرت وزارة الأوقاف لعمل مسابقة لتقنين وضع الخطباء والتعاقد مع من يجتاز الاختبارات المقررة، وقد تم التعاقد مع عدد 500 إمام وخطيب بالأوقاف على بند الأجر مقابل العمل، وتم الإعلان عن مسابقة أخرى في مارس الماضي لسنة 2022، وتقدم فيها العدد المتبقي من خطباء المكافأة على بند التحسين إلى بند الأجر مقابل العمل، ومع ذلك فلم تهتم الوزارة لإنجاز هذه المسابقة حتى وقتنا الحالي وبعد مرور أكثر من عام ونصف العام من الإعلان عنها ولا يزال أمرهم معلقًا حتى الآن.
وطالب قورة بسرعة النظر في أمر توفيق أوضاع خطباء المكافأة والانتهاء من المسابقة المعلن عنها منذ مارس من عام 2022، وتحسين أجور الخطباء والأئمة بتدبير موارد من ريع الأوقاف التي وقفها الواقفون للإنفاق منها على العلم والعلماء وعدم ادخار الوزارة جهدًا في هذا الصدد للإعلاء من شأن الأئمة والخطباء، استكمالًا لسياسة الدولة في تجديد الخطاب الديني وكفالة الحياة الكريمة لمن يباشرون وظيفة الوعي والإرشاد للمجتمع.
وطالب قورة أيضًا بالاستعانة بأساتذة العلوم والمواد الشرعية بالمعاهد الأزهرية لتغطية العجز الحاصل في خطباء الجمعة والواعظين بالمساجد والذي بلغ عددها ستين ألف مسجد لا يوجد لها خطيب جمعة؛ وهو ما يضمن عدم صعود المنابر إلا أصحاب المنهج الوسطي المعتدل من علماء الأزهر الشريف، وذلك كحل مؤقت لحين تدبير علاج وزارة الأوقاف لتقصيرها وتدبير الدرجات المالية للمساجد الخالية من أئمتها في غيبة من قيادات الوزارة.