12:30 م
الأربعاء 29 مايو 2024
كتب- أحمد جمعة:
كشفت 4 مصادر بقطاع الأدوية في مصر، عن اعتماد هيئة الدواء المصرية الزيادة الجديدة في أسعار الأدوية بالسوق المحلي، على وقع مطالبات الشركات المتزايدة منذ قرار تحرير سعر الصرف في مارس الماضي.
وقال المصادر في تصريحات لمصراوي، إن الهيئة أبلغت غرفة صناعة الدواء والشركات بانتهائها من مراجعة الطلبات المقدمة لزيادة أسعار أصنافها الدوائية.
تفصيلياً، قال أحد المصادر وهو مسؤول بارز بإحدى شركات الأدوية الشهيرة، إن “ما وصل إليه أن الهيئة أقرت زيادة جديدة في الأسعار للأدوية المزمنة بنحو 20 بالمئة، في حين تتجاوز تلك الزيارة لتبلغ 30 بالمئة للأدوية الخاصة بالأمراض غير المزمنة أو ما هو متعارف عليه طبياً بـ(Acute disease) أي المرض الذي يتميز بظهور أعراضه بشكل مفاجيء أو استمرارها لمدة زمنية قصيرة”.
الشريحة الثالثة من الزيادة تصل إلى 50 بالمئة، وهي خاصة بأدوية “OTC”، وهي تلك التي تُصرف بدون وصفة طبية مثل الفيتامينات والمكملات الغذائية، وفق المصدر.
واتفق المصادر على أن تلك الزيادة “ستخفف من حدة الأزمة التي يعيشها قطاع الدواء منذ قرار تحرير سعر الصرف، بما يُساهم في توفير الأدوية التي تشهد نقصًا بالسوق المحلي”.
وكانت شركات الأدوية تحصل على الدولار بالسعر الرسمي (1 دولار = 30.85 جنيه)، لتوفير المواد الخام، في حين تلجأ إلى السوق السوداء لتدبير جزء من الاحتياجات اللازمة لشراء باقي مستلزمات الإنتاج، قبل أن يجري تحرير سعر الصرف ليصل اليوم إلى مستوى (1 دولار = 47.5 جنيه).
بدوره، قال الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، إن “هيئة الدواء انتهت من دراسة الطلبات، وعلى وشك أن تصدر خطاباتها إلى الشركات يخص الأدوية التي طالتها الزيادة”.
وقدَّر “عوف” في تصريحات لمصراوي، أن تكون الزيادة في المتوسط بين 20 إلى 25 بالمئة، مضيفًا: “هذا هو متوسط الزيادة المُحتمل، خاصة أن هناك أدوية قد تصل نسب زيادتها إلى 50 بالمئة، وأدوية أخرى تكون بين 5 إلى 10 بالمئة، وبالتالي الأمر يتوقف على حسب دراسة المستحضر ذاته تكلفة إنتاج الشركة”.
“زيادة تدريجية.. وليست شاملة”
واتفقت المصادر على أن “الهيئة لن تعتمد زيادة مُجمعة في أسعار الأدوية، بل ستكون تدريجية وعبر مراحل مراعاة للمواطن وضمان عدم تأثره بشكل حاد بتلك الزيادة”.
وتوقع رئيس شعبة الأدوية أن يجري زيادة أسعار 150 مستحضرًا دوائيا بالسوق خلال أول 3 شهور.
“الهيئة مش حابة تعمل مشاكل في السوق للناس، وبالتالي الموضوع سيكون تدريجيا لعدم تكرار تجربة 2017 وقت تولي الدكتور أحمد عماد مسؤولية وزارة الصحة”، وفق حديث الدكتور علي عوف.
كانت الحكومة قررت منتصف يناير 2017 زيادة أسعار الأدوية بنسبة تتراوح بين 30 إلى 50% للأدوية المحلية، بينما تراوحت الزيادة في أسعار الأدوية المستوردة بين 40 و50% لتلافي آثار قرار تعويم الجنيه، وتطبيقها على 3010 أصناف دوائية دفعة واحدة، واعتبرت تلك الزيادة حينها لضمان استمرار الشركات في إنتاج الأدوية للسوق المحلية.
لكن لم تلجأ الحكومة المصرية خلال السنوات الأخيرة إلى الإقدام على زيادة واسعة في أسعار الأدوية دفعة واحدة على غرار ما جرى بعد تعويم الجنيه عام 2016، إذ تمت زيادة أسعار 3 آلاف و50 صنفًا دوائياً خلال الفترة من 2021 وحتى نهاية العام الماضي 2023، بحسب المركز المصري للحق في الدواء.
ويصل عدد الأصناف الدوائية في مصر نحو 17 ألف عقار، بيد أن ما ينتج بشكل مستمر بين 7 إلى 8 آلاف صنف بعد توقف عدد من الشركات عن إنتاج أصناف معينة، وفق المركز.
وقال أحد المصادر: “اللجان الفنية بهيئة الدواء المصرية، وخاصة لجنة التسعيرة عقدت العديد من الاجتماعات خلال الفترة الماضية لبحث الطلبات المقدمة من الشركات، في حين جرى الاتفاق على أن تكون الزيادة تدريجية بحيث يتم اعتماد زيادة صنفين لكل شركة أسبوعياً على سبيل المثال، مع التشديد على مراعاة أصحاب الأمراض المزمنة وعدم تأثرهم بالزيادة بشكل كبير، بالتالي تخفيض نسبة الزيادة في الأدوية الخاصة بهم إلى أقل نسبة ممكنة”.
أمر آخر لفت إليها أحد المصادر، وهو إقرار زيادة وصفها بـ”المناسبة” للشركات بما يُمكنها من تحقيق عائد جيد من التصدير، مفسرًا ذلك بأن “هناك سعرين للمنتج الدوائي، أحدهما يكون ضمن برنامج دعم المريض المصري وهو المخصص للبيع في السوق المحلي، وآخر أكبر لكن لا يتم تداوله محلياً بل يكون مخصصًا للتصدير بهذا السعر”.
وسبق أن قال الدكتور ياسين رجائي، مساعد رئيس هيئة الدواء المصرية، في تصريحات تلفزيونية، إن منظومة مراجعة الأسعار درست كل الطلبات التي تقدمت بها الشركات، مشددا على أن نسب ارتفاع الأسعار يختلف من منتج دوائي أو مستحضر لآخر من خلال ضوابط من أجل الوصول للسعر العادل.
موقف الشركات
بدوره، اعتبر الدكتور محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات ومستشار غرفة صناعة الدواء، في تصريحات لمصراوي، إن ملف تحريك أسعار الأدوية “حساس ويُدرس من خلال لجان فنية داخل الهيئة، ويستغرق وقتًا طويلًا”.
وأوضح “البهي” أن النظر في أسعار الأدوية سيكون لكل “ملف دوائي” على حِدة، ما يعني أن لجنة التسعيرة ستنظر في طلبات الشركات وتراجع موقف الصنف الدوائي وتكلفة إنتاجه ثم تحدد القيمة المناسبة للزيادة، مع مراعاة أن تكون أقل ما يمكن فيما يتعلق بالأدوية المزمنة والحيوية، لكنها قد ترتفع فيما يتعلق بأدوية “OTC”، أي التي تُصرف بدون وصفة طبية
وأضاف: “لا توجد مسطرة لزيادة الأسعار، خاصة أن مهمة الهيئة دراسة كل الملفات من أكثر من جانب؛ لأن هناك أدوية جرى تسعيرها عندما كان الدولار بـ 8 جنيهات، وبالتالي تمثل مشكلة كبيرة للمصانع، وأدوية مُسعّرة حديثا وليست بها مشكلة، في حين أن هناك أدوية سقطت حماية الملكية الفكرية الخاصة بها وبالتالي تنخفض قيمة خاماتها ومن ثمّ يجري تخفيض أسعارها، وبالتالي فالأمر يخضع للدراسة إما بالزيادة أو الانخفاض”.
وشدد “البهي” على أن ارتفاع سعر الدولار كان له تأثير حاد على الشركات، مضيفًا: “مصانع الأدوية ارتفع عليها الدولار بنسبة مضطردة ووصلنا لقرابة 50 جنيهًا، وفي كل الأحوال هناك أدوية تسجل خسائر للشركات والمصانع المصرية تضطر للإنتاج بالخسارة حفاظا على المريض ولأن لتلك الأدوية سمعة تجارية مهتمين بالحفاظ عليها”.
واختتم حديثه بالقول: “لنا مصلحة في الإبقاء على الوضع مستقراً حفاظا على حياة الناس، كما أن الهدف ألا يمثل إنتاج الأدوية خسائر للشركات في ذات الوقت”.