11:58 ص
الثلاثاء 05 سبتمبر 2023
كتب- أحمد جمعة:
قال الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، إن المؤتمر العالمي للصحة والسكان والتنمية 2023، حدث مهم لمناقشة القضية السكانية، والتي تعد أهمية قصوى بالنسبة إلى حاضر ومستقبل الحياة على كوكب الأرض أمام دول وشعوب العالم.
جاء ذلك خلال كلمة وزير الصحة في حفل افتتاح المؤتمر العالمي للصحة والسكان والتنمية 2023، تحت عنوان “سكان أصحاء من أجل تنمية مستدامة”، اليوم الثلاثاء، تحت رعاية وحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأشار الوزير إلى أن مشكلة الزيادة السكانية التي تواجهها الدولة المصرية هي التحدي الأكبر الذي يواجه العمل الوطني في الحاضر والمستقبل؛ حيث إنها تعرقل عجلة النمو الاقتصادي وتلتهم كل عوائد التنمية؛ مما يؤثر على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين ومستوى معيشتهم، مما يحتم علينا العمل على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والنمو السكاني، بما يضمن تحقيق الرفاه للجميع.
وشهدت الاحتفالية إهداء نسخة من الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية 2023-2030، إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع إطلاق خارطة الطريق للتعامل مع القضية السكانية، وذلك من واقع تعظيم الخصائص السكانية والارتقاء بجودة الحياة، مشيرًا إلى أنه تم إعداد الاستراتيجية في ضوء أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، ودستور جمهورية مصر العربية، والاستراتيجية القومية للسكان والتنمية والمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، الذي تُبنى محاوره على (التمكين الاقتصادي، التدخل الخدمي، التدخل الثقافي والتوعوي والتعليمي، التحول الرقمي).
وأكد وزير الصحة أن كلمة الرئيس السيسي في مؤتمر الشباب بالإسكندرية عام 2017 ” الزيادة الســـكانية تحد كبير وأكبر خطرين يواجهان مصر في تاريخها الإرهاب والزيادة السكانية، وهـــذا التحدي يقلـــل فرص مصر في التقدم إلى الأمام”، كانت هي الحافز والدافع الرئيسي في العمل على قدم وساق لوضع استراتيجية وطنية متكاملة للسكان والتنمية؛ للوصول بالوطن إلى الأفضل وتحقيق الحياة الكريمة لمواطنيه، تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية في هذا الشأن والعمل وفقاً للمادة 41 في الدستور المصري التي تنص على أن “الدولة تلـــتزم بتنفيـــذ برنامـــج ســـكاني يهدف إلـــى تحقيق التوازن بين معدلات النــــمو الســـكاني والمـــوارد المتاحـــة وتعظيم الاستثـمار في الطاقة البشرية وتحســـين خصائــــصها وذلـــك فـــي إطار تحقيق التنـمية المستدامة”.
وأوضح الوزير إلى أن الاستراتيجية تُبنى على 7 محاور؛ هي (ضمان الحقوق الإنجابية، الاستثمار في الطاقة البشرية، تدعيم دور المرأة، التعليم والتعلم، الاتصال والإعلام من أجل التنمية، محور السكان والبيئة “التغيرات المناخية وديناميكية السكان”، محور حوكمة الملف الســـكاني)، لافتاً إلى أنها تستهدف تحقيق التوازن بين السكان والتنمية من خلال تعزيـــز الصحـــة الإنجابية، وتمكين المرأة، والاســـتثمار فـــي الشـــباب، وتحســـين فـــرص التعليـــم، ورفـــع الوعي بالقضايا السكانية، فضلاً عن تحــقـيــــق الـرفاه الاجـتـماعي والاقتصادي لجميع المواطنين.
واستعرض الوزير مؤشرات قياس نتائج وأثر تنفيذ الاستراتيجية، حيث أوضحت المؤشرات أن معدل الإنجاب الكلي عام 2021 كان 2.85%، وفي عام 2023 بلغ 2.1%، بينما كان معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة عام 2021 66.4% وفي عام 2023 بلغ 75%، مشيراً إلى أن نسبة الأمية بين السكان 10 سنوات فأكثر عام 2021 كانت 25.8%، وفي عام 2023 بلغت 12.6%، بينما الحاجة غير الملباة عام 2021 كانت 13.8%، وفي عام 2023 بلغت 6%، وفي ما يخص نسبة الالتحاق بالتعليم عام 2021 كانت 94% وفي عام 2023 بلغت 98%.
واستكمل عبد الغفار بأن معدل البطالة بين الشباب عام 2021 كان 16.5% وفي عام 2023 بلغ 12%، بينما نسبة الأطفال في سوق العمل عام 2021 كانت 4.9% وفي عام 2023 بلغت 2%، مضيفاً أن نسبة الزواج قبل بلوغ سن الـ18 عامًا في 2021 كانت 15.8% وفي عام 2023 بلغت 8%، بينما نسبة السيدات اللاتي شاهدن أو سمعن رسائل عن تنظيم الأسرة من خلال وسائل الإعلام المختلفة بلغت في عام 2023، 75%.
وأكد الوزير العمل على الاستفادة من تجارب ونجاحات الدول في تخفيض معدلات الإنجاب من خلال تحقيق عوامل نجاح تلك التجارب من خلال الإرادة السياسية المستدامة وتوفير التمويل اللازم والتنمية الاقتصادية والسياسات العامة الفعالة والعمل من خلال سياسة سكانية تقوم على التحفيز وتعزيز العرض والتعاون الوثيق مع القطاع الأهلي والعمل من خلال إطار مؤسسي فعال ودمج الخطط السكانية في الخطط التنموية الخمس للدولة.
وأكد عبد الغفار أن الاستراتيجية تستهدف النظر إلى السكان باعتبارهم أحد أهم عناصر القوة الشاملة للدولة، فضلاً عن حق الأسرة في تحديد عدد أبنائها، ومسؤولية الدولة عن توعية أفراد المجتمع بأخطار معدلات الإنجاب المرتفعة، لافتاً إلى العمل على دمج المكون السكاني في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير البيئة المحفزة على مشاركة الجمعيات الأهلية والقطاع الخاص، وتحقيق اللا مركزية في إدارة البرنامج السكاني، مؤكداً التزام الدولة بتنفيذ برنامج سكاني يهدف إلى تحقيـــق التوازن بين معـــدلات النمو الســـكاني والمـــوارد المتاحـــة بالدولة، وتعظيـــم الاســـتثمار في الطاقة البشرية وتحسين خصائصهـــا، فـــي إطـــار تحقيـــق التنمية المستدامة.
واستعرض وزير الصحة والسكان، خلال كلمته، تاريخ القضية السكانية في مصر على مدار الـ60 عاماً الماضية، حيث كانت البداية عام 1962 من خلال إطلاق ميثاق العمل الوطني، وعام ١٩٦٥ من خلال إطلاق وتفعيل المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة، وعام 1972 من خلال المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة والسكان، وعام 1975 من خلال تعديل السياسة السكانية، وعام 1984 من خلال إطلاق المؤتمر القومي الأول للسكان، وعام 1985 من خلال إطلاق وتفعيل العمل بالمجلس القومي للسكان، وعام 1993 من خلال استحداث وزارة الدولة لشؤون السكان والأسرة، وعام 1994 الذي شهد إطلاق المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، وعام 1996 من خلال المجلس القومي للسكان برئاسة رئيس الوزراء، وعام 2008 من خلال المؤتمر القومي الثاني للسكان، وعام 2014 من خلال دستور جمهورية مصر العربية، وعام 2015 من خلال تفعيل العمل بالمجلس القومي للسكان برئاسة وزير الصحة والسكان، وعام 2022 الذي شهد إطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة، وصولاً إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية 2023- 2030.
وتضمن العرض حجم السكان وقدرات الدولة من الخدمات الأساسية والموارد المتاحة في مصر بين الحاضر والمستقبل؛ حيث إن مصر في الفترة بين 1900 و1950 كانت تمتلك أهم بورصة قطن في العالم؛ بورصتَي القاهرة والإسكندرية في المركز الرابع على مستوى العالم، وكان حجم السكان يتناسب وقدرات الدولة من الخدمات الأساسية وكان أطباء مصر يزاولون المهنة في أية دولة في العالم دون شهادات إضافية، وكانت مصر رائدة في مشروعات البنية التحتية حيث كانت تمتلك ثاني شبكة سكك حديد في العالم، مشيراً إلى أن بداية التغير الديموغرافي لمصر وتغير دور الدولة الاجتماعي عام 1950 بالتزامن مع الزيادة السكانية ووصول تعداد السكان 20.7 مليون نسمة؛ مما أدى بدوره إلى اختلال التوازن بين السكان والموارد الخام، حيث إن معدلات الزيادة السكانية الكبيرة في السكان لم يواكبها نفس وتيرة الزيادة في الخدمات والموارد.
وأوضح الوزير خلال العرض أن الزيادة السكانية خلال الفترة من 1900 إلى 1950 بلغت 10 ملايين نسمة، وخلال الفترة من 1950- 2000 بلغت 46 مليون نسمة، وخلال الفترة من عام 2000- 2023 بلغت 40 مليون نسمة، ليصل إجمالي عدد السكان عام 2023 105 ملايين نسمة، مشيراً إلى أن متوسط أعداد المواليد خلال فترة بلوغ السكان 105 ملايين نسمة بلغ 5.683 مولود في اليوم؛ بموجب 237 مولودًا كل ساعة و4 مواليد كل دقيقة و1 مولود كل ثانية.
واستعرض الوزير التجارب الدولية الناجحة في خفض معدلات الإنجاب والتي شملت تجربة دول (إندونيسيا، بنجلاديش، المغرب، ماليزيا)، فضلاً عن معدلات النمو الاقتصادي ونصيب الفرد من الناتج المحلي في مصر مقارنةً ببعض دول العالم لعام 2023.
وأشار الوزير خلال كلمته إلى أن تنظـيــم الأسـرة هــو أكبر مشروع اسـتثماري إذا تبنته مصر ســـــوف يحقــق لهــا أرباحًا وفوائد، حيث إن كل جنيه تنفقه الدولة على تنظيم الأسرة يوفر بدوره 151.7 جنيه (74.1 جنيه في التعليم، 32.9 جنيه في الصحة، 28 جنيهاً في الإسكان، 16.7 جنيه في منظومة دعم الغذاء)، موضحاً أن حجم الاستثمار في المشروعات القومية بمصر يبلغ 10 تريليونات جنيه ويبلغ الدعم السلعي 780 مليار جنيه، ويبلغ الاستثمار في برامج الحماية الاجتماعية 169 مليار جنيه، مؤكداً العمل على وجود سياسة تنمية اقتصادية اجتماعية واسعة النطاق بما يضمن خلق فرص عمل منتجة وتضمن الاستثمار في رأس المال البشري ودعمه، والمحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي وضمان قابلية استقرار السياسات، وتعزيز الشمول المالي وريادة المشروعات.
وأكد الوزير أن القضية السكانية في مصر ليست قضية عدد ولكن كبر حجم الأسرة يؤثر سلباً على حقوق الطفل؛ حيث ينخفض نصيب الفرد من الموارد المخصصة لكل أسرة، ولذلك تستهدف الدولة تحسين الخصائص السكانية للمواطنين من خلال تحسين الخصائص الديموغرافية التي تتضمن تحسين (معدل المواليد والوفيات، الخصائص التعليمية بين نسبة الأمية ونسبة المتعلمين، الخصائص الصحية “جودة الخدمات الصحية”، الخصائص الاقتصادية “دخل السكان”)، تحسين خصائص السكان التي تتضمن تحسين (الخصائص التعليمية، الخصائص الصحية، التشغيل مع البطالة، المهارات الحياتية)، موضحاً أن نسب الإنجاب في الريف ثلاثة أضعاف الحضر ويبلغ أعلى مستوى في محافظات الوجه القبلي وأقل مستوى في المحافظات الحضرية.
ولفت الوزير إلى أنه يجب العمل وفقاً لعدد من الأولويات للسياسات والاستراتيجيات لتستطيع الدولة المصرية من جني عائدها الديموغرافي، وذلك من خلال (خفض معدل التسرب مـــن المــــدارس، تعزيز برامج الحماية الاجتماعيـــــة، تأخيــــــر ســـــن الـــــــــزواج، زيادة معدل مشاركة الإناث في القوى العاملة، تحســين حوكمــة بــرنــامــــج السكــــان)، موضحاً أن تحسين العائد الديموغرافي هو الاستفادة الاقتصادية الناتجة عن التغيير في التركيبة السكانية، لتصبح نسبة السكان في سن العمل والإنتاج أكبر من نسبة الصغار في سن الإعالة، مشيراً إلى أن المنفعة الاقتصادية تحدث في غضون فترة تتراوح ما بين الـ15 والـ20 عاماً عندما تقل معدلات الإنجاب والوفيات لنصل إلى “عائلات أصغر وأكثر صحة، ومجموعة شبابية يمكن تعليمها وتمكينها لدخول سوق العمل”.